حقوق السجناء حبر على ورق: وقعة سجن جو مثالا
مقالات أخرى - 2015-03-12 - 2:34 ص
صفاء الخواجة *
أضحى التعذيب جزءاً أساسياً من معاملة المعتقلين السياسيين اليومية، وهو يشكل نهجاً أساسياً وثابتاً وممارسةً مؤسسية يتورط فيها موظفون في اجهزة الأمن.
إن كافة الشواهد والشهادات الحية من قبل أهالي المعتقلين والجمعيات الحقوقية تؤكد بأن كل من مر بتجربة الاعتقال في السجون وبغض النظر عن جنسه وعمره ووضعه الصحي، أو طبيعة عمله ومكانته الاجتماعية والأكاديمية والسياسية، قد تعرض للتعذيب كانتهاك، وفقاً لما عرفته الاتفاقيات والمواثيق الدولية كافة لا سيما " إتفاقية مناهضة التعذيب " التي صدرت في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول عام 1984، ودخلت حيز التنفيذ الفعلي في السادس والعشرين من يونيو/ حزيران 1987.
بمعنى أدق إن هناك تلازماً مابين الاعتقال، والتعذيب الجسدي أو النفسي أو الإيذاء المعنوي وأن أكثر الذين تعرضوا للاعتقال قد تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب، كالمعاملة المهينة واللا إنسانية أو الحاطة بالكرامة، وتكبيل الأيدي وتعصيب الأعين، والضرب والصفع والتنكيل، والعزل الانفرادي والحرمان من النوم والضغط على الخصيتين، والتحرش الجنسي أو التهديد بالاغتصاب أو التعريض للصعق الكهربائي، وغيرها من أشكال التعذيب التي أوردها بسيوني في تقريره أثناء تقديمه للتقرير.
في10 مارس/ آذار 2015 اجتاح غضب واسع مركز جو للإصلاح والتأهيل إثر الاعتداء على السيدة ليلى عبد النبي عبد الرسول (38 عاما)، وهي والدة المعتقل "جميل عبد الغني (18 عاما) المحكوم بالسجن لمدة 3 سنوات أثناء الزيارة.
لقد تم اعتقال ليلى واعتقال السيد محمود عبد النبي عبد الرسول (29 عاما)؛ حيث تم التحقيق معهما وتوجيه تهمتي الاعتداء على أفراد الشرطة أثناء عملهم. وقد أمرت النيابة العامة بحبسها 7 أيام على ذمة التحقيق، فيما يماتم الإفراج عن عبد الرسول في ما بعد.
احتجاجات واسعة شارك فيها المعتقلون بعد رؤية ما أقدم عليه عناصر "حفظ النظام" من اعتداء على أهل المعتقل جميل عبد الغني، حيث أدى ذلك إلى قيام المعتقلين بالهتافات؛ حتى وصل الأمر إلى استدعاء تعزيزات من عناصر الأمن للتعاطي مع احتجاجات المعتقلين السلمية على ما أصاب المعتقل جميل.
السؤال هنا كيف تم معالجة الغضب الذي حل في مركز جو للإصلاح والتأهيل؟ وماهي النتائج التي ترتب عن تلك المعالجة الامنية؟
بدأ هجوم اتسم بالشراسة على المعتقلين في "مبنى 4" الذي يحوي أكثرمن 1000 معتقل باستخدام قنابل مسيلات الدموع الخانقة عبر تسريبها لداخل المبنى لفترة من الزمن، ما أدى إلى حالات إغماء بسسب اختناقهم بالغازات التى انتشرت.
وفق ما أكد رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب عبر حسابه على "تويتر"، فقد قامت عناصر من قوات حفظ الأمن بالاعتداء البدني عبر"الضرب" على عدد من المعتقلين من بينهم علي حسين عبدالرسول و جميل عبد الغني وطالب علي والعشرات منهم!
فهل ما أقدم عليه مركز جو للإصلاح والتاهيل صحيحا ومشروعا؟ّ وهل هو يتوافق مع ما نصت عليه الاتفاقيات والمعايير الدولية؟ خصوصا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 وما أكدته المادة "3" من الإعلان العالمي والمادتان 4 و6 من المعهد الدولي التي تنص جميعها على "أن الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان". كما أن المادة "32" من اتفاقية جنيف الرابعة ألزمت "عدم اتخاذ التدابير من شأنها أن تسبب معاناه بدنية للاشخاص المحميين الموجودين تحت سلطاتها".
أين كل تلك البنود من معالجة مركز جو للإصلاح والتأهيل؟
لم يكن الاستنكار من المعتقلين في مركز جو للإصلاح والتأهيل فقط؛ بل شاركهم العديد من المتظاهرين في القرى بالخروج إلى الشوارع احتجاجا على الانتهاكات المستمرة في هذا المركز الذي يحوي عددا كبيرا من الحقوقيين والسياسيين. فقد شاركت ما يقارب 20 قرية ما أدى إلى قمع بعضها. لم يكتف مركز جو بهذا القدر من الانتهاكات، بل أنه استمر في مسلسل الانتهاكات من خلال منع أهالي المعتقلين من زيارة أبنائهم صباح 11 مارس/ آذار 2015 ومنعهم أيضا من تسليم الملابس ومبالغ مالية للمعتقلين مدة 3 أيام، مما أدى إلى اعتصام بعض من أهالي المعتقلين بجانب دوار "ألبا".
التساؤل الحاضر ألم توقع حكومة البحرين على اتفاقيات تنص على معايير واضحة لحقوق السجناء والمعتلقين؟ ثم ما دور مفوضية السجناء التي أنشأت وفقا لتوصيات بسيوني في حماية حقوق هؤلاء
السجناء؟ أم أن التوقيع على الأوراق مجرد حبر على ورق؟
أسئلة استدعتها وقعة الهجوم على السجناء في مركز جو للإصلاح والتأهيل الذي تخلى عن مضامين اسمه إلى ليتحول إلى إجراءات قاسية تستدعي التوقف عندها للمساءلة والمحاسبة عن هذا الكم المروع والمخيف من الانتهاكات.
*ناشطة حقوقية بحرينية.
Twitter: @SAFEE17
____________________________
المقالات والتعليقات التي تنشر تعبر عن رأي أصحابها، ولا تعبر عن رأي "مرآة البحرين" بالضرورة. نستقبلها على البريد التالي:
editor@bahrainmirror.com