» تقارير
نهاد الشيراوي: في عاصمة المكارثية العربية، الأطباء ينتحرون
2011-11-11 - 12:08 م
مرآة البحرين (خاص): في عاصمة المكارثية العربية 2012، لا عاصمة الثقافة العربية 2012، حيث التشهير والتخوين والاتهام بالعمالة والصفوية والمجوسية والرافضية لكل من له موقف إنساني، تدفع الطبيبة نهاد الشيراوي، السنية المذهب، ثمن إنسانيتها باهظاً جداً ومكلفاً جداً. حملات التشويه والتخوين والقذف في الشرف والأخلاق والوطنية، هي ما تعيشه نهاد منذ قمع الحركة الاحتجاجية في مارس الماضي. لا مكان للشرف في عاصمة المكارثية، ولا مكان للإنسانية، المكان فقط للطائفية البغيضة والكراهية التي صارت لغة الموالين والحكوميين والناعقين وراءهم.
الحملة اللأخلاقية الشرسة المدعومة حكومياً، والتى يقودها (زملاء مهنة) تحركهم أيدي الحكومة مثل الخاسر نبيل الأنصاري، وبعض من قامت الشيراوي بتدريسهم وتدريبهم مثل (نورة بطي)، أوصلت الطبيبة الاستشارية (نهاد الشيراوي) التي تتعالج نفسياً عن الاكتئاب، إلى انهيار نفسي أخذها نحو محاولة انتحار حقيقية. ابتلعت يوم الأربعاء 9 نوفمبر الجاري 25 قرصاً منوماً، كادت تودي بحياتها لولا أن تم انقاذها بنقلها مباشرة إلى مستشفى السلمانية.
نعم، هذا هو حال النخبة المميزة في عاصمة المكارثية العربية، نهاد الحاصلة على شهادة الزمالة البريطانية والزمالة السعودية والبورد الأوربي واستشارية العناية المركزة، واستشارية أمراض التنفس والربو، والأستاذ المساعد في جامعة الخليج العربي، تدفع ثمن دموع صادقة ذرفتها أمام شهيد حاولت إنقاذ حياته، دون أن تتمكن من ذلك،. أن اخترقت رصاصات الجيش صدره، تدفع نهاد ثمن أنها رأت بعينيها، وأنها رفضت أن تتحول إلى قطيع يسبّح باسم القاتل ضد المقتول، كما فعل غيرها ممن باعوا إنسانيتهم وأخلاقيات مهنتهم وضمائرهم. تعرضت نهاد للاعتقال مدة شهر كامل، قبل أن تقدم لمحاكمة عسكرية مع 47 من زملائها من الكادر الطبي، ثم تحولت المحاكمة مؤخراً إلى محاكمة مدنية.
الآن هي خارج السجن تنتظر محاكمتها مع باقي زملائها، وكحالهم موقوفة عن العمل، دون راتب أو نصف راتب. ورغم أنها طلبت ترخيص للعمل في العيادات الخاصة، إلا أنه لم يسمح لها. "أريد أن أعود للعمل الذي أعشقه، الطب هو حياتي التي أجدني فيها، يريدون قتلي بحرماني من عملي"، كانت تقول ذلك بألم شديد وهي تصارع العطالة القاتلة التي فرضت عليها. نهاد التي امتلأت حياتها بالطب، ممارسة وتدريساً وتدريباً طوال اليوم دون كلل أو ملل، اليوم هي في فراغ إجباري منه، وفي امتلاء إجباري بالهم وبما يتلى عليها ليل نهار من تهم التخوين والتعزير.
فور انتشار خبر محاولتها للانتحار، كان مجتمع المغردين حاضرا من أجلها هناك، المجتمع الذي المدين لها بوقوفها الإنساني مع الشهيد (عبد الرضا بوحميد) الذي قضى برصاص الجيش. في لحظات، وضع المغردون هاش تاج خاص بها #ThnQDrShirawi، وفي أقل من ساعة تحول مجتمع تويتر إلى تغريدات دعم ومساندة وتشجيع وحب وعرفان لموقف نهاد الطبيبة الإنسانة ابنة الوطن، لا ابنة الطائفة، وصار كل اليوم يومها بامتياز، إنها نهاد التي أسقطت بإنسانيتها أكذوبة الطائفية في أصل إنسان هذا البلد.