"مرسال المشير" وزير الداخلية: قرار اعتقال سلمان سياسي... فمن سيقرر الإفراج عنه؟
2015-01-14 - 3:58 ص
مرآة البحرين: صرّح وزير الداخلية البحريني راشد بن عبدالله آل خليفة إلى الصحافيين في 10 يناير/كانون الثاني أن اعتقال الشيخ علي سلمان كان مقررا قبل الانتخابات التي جرت في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014. وقال: "إن الحكومة تحملت الكثير نتيجة عدم اتخاذ الإجراءات القانونية قبل الانتخابات تجاهه" والآن ضاقت به ذرعا على ما يبدو، وحان تنفيذ خطّة ما بعد الانتخابات. كما أشارت "مرآة البحرين" وقتها.
من الواضح أن تصعيداً خطيراً تمارسه السلطة ضد جمعية الوفاق وقياديها. شهدنا اليوم الثلاثاء 13 يناير 2015 صدور الحكم بالسجن 6 أشهر ضد قيادي جمعية الوفاق ورئيس شورى الجمعية السيد جميل كاظم، مع غرامة 500 دينار بسبب تغريدة. كاظم علّق على الحكم الصادر في حقه خلال مؤتمر صحفي عقد مساء أن الوفاق تدفع ضريبة موقفها من الحل السياسي المجتزئ.
نعود إلى تصريحات وزير الداخلية خلال لقائه بالصحفيين، والتي كشفت أن اعتقال زعيم المعارضة البحرينية قرار سياسي محض، مرتبط بما كان يعتقد أنها يجب أن تكون الجولة الأخيرة من اللعبة السياسية. يدل على ذلك توقيت تنفيذه، الذي ارتأى النظام أن يكون بعد الانتخابات؛ لضمان عدم إثارة ردات فعل سياسية وشعبية كبيرة، تزيد الأوضاع سوءا أكثر مما كانت عليه أثناءها.
وليس مستغربا أن يعلن الوزير ذلك صراحة، إلا أن الغريب أن يظل يتحدث بصفته وكيلا على تنفيذ "الإجراءات القانونية"، التي لا يبدو أنه كان لها أي محل في اعتقال الشيخ علي سلمان.
القبيلة التي فشلت في الحصول على شرعية شعبية من الانتخابات التي قاطعها أكثر من 65٪ من الكتلة الناخبة بدعوة من المعارضة بزعامة الوفاق، لم تجد أمامها سوى اعتقال سلمان عقابا، بحسب مدير برامج الأبحاث في جامعة قطر جستن غينغلر.
لعلّه كان من الجيد لو طُرح على وزير الداخلية أثناء اللقاء الصحفي السؤال التالي: إذا كان هذا القرار السياسي قد اتّخذ في نقطة ما على الخط الزمني للصراع بين النظام وخصومه، فما هي النقطة التي ينبغي أن نصل إليها، لتكف السلطة عن استهداف جمعية الوفاق ويفرج عن الشيخ علي سلمان، ومن الذي سيتّخذ هذا القرار؟
هل يتوقّع الوزير أن نصل إلى هذه النقطة الزمنية حين يرفع الناس الراية البيضاء، ويرجعوا إلى منازلهم عاجزين، واضعين خلفهم كل الخسائر، لا مقاعد لهم في البرلمان، ولا حكومة تمثّلهم، ولا أحد ينبس ببنت شفه عن تجنيس، أو فقر، أو بطالة، أو سرقات. هل يظن أن حان الوقت لأن يخضعوا، ويرجع بهم الزمان 100 سنة إلى الخلف، ليقبلوا بالعيش مضطهدين، خانعين، يتخطّفهم الموت، والسجن، والتعذيب! هل يظن وزير الداخلية أن النصر بات حليفه اليوم، تحديدا؟
ليس وزير الداخلية هو من يعيش هذا الوهم الكبير، فالقرار أساسا ليس بيد هذا الوزير الضعيف، الذي فقد السيطرة على وزارته منذ 4 سنوات، وتنازل عن كل سلطاته، وظل كباقي الوزراء التائهين، مجرد ورقة، تلعب بها اليد الكبيرة في الأسرة الحاكمة: المشير خليفة بن أحمد آل خليفة، القائد العام للجيش، والحاكم الفعلي للبلاد.
كلام الوزير الذي قاله هو عينه كلام المشير في 2011، حين كان يحس بالقوة: اذهبوا إلى إيران. وقرار اعتقال الشيخ علي سلمان، هو بالطبع أيضا، قرار القائد العام، تماما كما كشف أخيرا بأنّه هو من يقف شخصيا وراء اعتقال نبيل رجب، ووراء اعتقال خليل المرزوق في 2013.
إن ما نتذكّره أن المشير، هو من خضع وتنازل بعد أشهر قليلة من حرب "السلامة الوطنية" في 2011، وانتهى به المطاف أن يسحب جيشه من الشوارع، وأن يكتفي بإطلاق التهديدات الإعلامية الفارغة، والممارسات السياسية التي جعلته في دائرة الضوء حتى داخل مصانع القرار السياسي في واشنطن.
إذا كانت تلك هي النقطة الزمنية التي يتوقّعها المشير، فعليه أن يلقي نظرة فاحصة على ما يحصل وسيحصل حوله في الإقليم، خصوصا بعد أن أخذت التصريحات عن دعم الشيخ علي سلمان، والوقوف خلفه، منحى مختلفا جدا، على ألسن المسئولين في الجمهورية الإيرانية، وحزب الله اللبناني.
في أحد مقالاته، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، شفيق الغبرا "كبار الأسر الحاكمة يخشون التعبيرات الشعبية والحزبية بأنواعها بصفتها تمهد لسلب السلطة، كما أن الأنظمة تخشى الحريات، بينما تخشى الجيوش من السياسيين والمعارضين بأنواعهم"، وبعبارة أخرى، فإذا كان من يتّخذ القرار السياسي في الدولة هو المشير، فإن نظام الحكم في البحرين يسير بلا شك إلى مصير غامض جدا، لن يبقى في السياسية أي شيء ثابت، على الإطلاق!