لا ديمقراطية دون تعددية حزبية وتداول سلمي للسطة!
2014-11-23 - 12:48 ص
يوسف سلمان يوسف*
للديمقراطية شرطان رئيسيان حتى تتحقق ودونهما سمها ما شئت، ولكن إياك أن تنطق بها ما لم يتوفر هذان الشرطان وإلا أصبحت مسخرة للعالم في الألفية الثالثة؛ الشرط الأول: أن تجري الانتخابات الديمقراطية لأي مجتمع في ظل تعددية حزبية متنافسة، وثانياً: على أن توفّر هذه الديمقراطية للمواطنين ظروف التداول السلمي للسلطة بورقة توضع في صناديق اقتراع.
تعالوا نتساءل مع المتسائلين: أي شرط من هذين الشرطين متوفران في المجتمع البحرين بين أطراف الصراع السياسي (معارضة وسلطة) كي يُثخن حكم المشيخة آذاننا صبح مساء بـ"العرس الديمقراطي"، كلما حل موعداً للانتخابات منذ العام 2002 حتى اليوم، ولنذهب أكثر بعيداً، أي شرط لديمقراطية حقيقية تغنينا بها منذ انتخابات 7 ديسمبر 1973 و"التجربة الموؤودة" في العام 1975، وفق عنوان كتاب النائب الوطني السابق علئ ربيعة عن الحياة الديمقراطية في البحرين؟!.
لا تعددية حزبية، ولا إمكانية لتداول سلمي للسلطة عندنا في البحرين، ولا حتى حدّ أدني للمشاركة الشعبية في صنع القرار، بينما تصريحات المسؤولين تقلب الأسود أبيض لما تتمتع به من كوميديا سوداء ودعابة بليدة تجعل من المواطن قبل أن يذهب لغرفة نومه أن يتأكد من إنه لن يتهم بالخيانة أو بالتحريض ضد كراهية النظام، أو بقول مخالف يندرج في إطار حرية التعبير المكفول محلياً ودولياّ، لأنه لم يصفق لإستبداد السلطة، ومن ثم ما عليه إلا أن يبقى في انتظار دائم لأماني مؤجلة لممارسة حقه الديمقراطي
الطبيعي واحترام آدميته وكرامته، التي قُدّم طيلة عشرات السنين التضحيات على مذبح كفاح أجداده وآبائه وكفاحه.
عندما تغلق السلطة جميع الأبواب والنوافذ لحق تأسيس الأحزاب والتداول السلمي للسلطة، أو حتى فتح ثغرة للتفكير الجدي للإصلاح الإداري والسياسي كانت الحركة المطلبية في الخمسينات تنادي بها (فترة حركة هيئة الاتحاد الوطني) والمتمثلة في استقلالية السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية والسماح للمواطنين باختيار حكومتهم، بينما لا زالت السلطة تتغنى بعد نحو ستين عاماً من هذه المطالبات بحفلات ردح لـ"الأعراس الديمقراطية" وسط استفراد سلطة آل خليفة بكل السلطات والثروات وبمشاركة شعبية محدودة لبرلمان كسيح فاقد الصلاحيات، لا يراقب السلطة التنفيذية ولا يشرع قوانين تعبر عن إرادة المواطنين مثل بقية برلمانات العالم، بل يتهافت فيه النواب المتصلحون على تقييد الحريات العامة بدل تنظيمها لمصلحة الناس الجميعية.
عندما تغلق الأبواب للحلول الساسية السلمية، فإن البديل الطبيعي هو الطرق العنفية، غير أن شعبنا أظهر لحد الآن الابتعداد عن هذه الممارسة، ولازال طيلة السنوات الأربع ملتزم بحضاريته وسلميته وخرج أكثر من ثلثيه إلى الشوارع مطالباً بالتحول الديمقراطي السلمي رغم قمع السلطة وفظاعة انتهاكاتها، وما أظهرته الجماهير الغفيرة الغاضبة اليوم 21/11/2014 في الاستتاء الشعبي حول نعم لتقرير المصير وتوافدها على صناديق الاقتراع السرية في جل مناطق البحرين للتصويت رغم التشديد والانتشار الأمني الكثيف إلا دليلاً قاطعاً على إصرار رفض المشاركة في مجلس صوري يرّوج لانتخابات اليوم 22/11/2014 لا تمثل إلا مشيخة معزولة عن شعبها، وتتنامى عزلتها أممياً وكشف أكاذيبها.
*كاتب بحريني.