» تقارير
رجال المهمات القذرة: "شحّة" أم أن تلك حكمة 14 فبراير؟
2011-10-11 - 1:36 م
مرآة البحرين (خاص): تحدث الكثير عن وجود أذرع الحكومة في الدوار أو من كانوا يسمون بالـ "CID" في ثورة التسعينيات، في هذا العقد كان من يشكك فيه أنه عميل تحل عليه اللعنة من الأهالي، فتحرق سيارته وبيته ويقاطع من كافة من يعرفونه في المحيط الذي يعيش فيه، ويكتب على الجدران بأنه خائن.
مع التطور الحاصل وتلون الثورة بصبغة السلمية أصبحت الوسيلة الوحيدة لمعاقبة العميل هي التشهير به في كافة وسائل الاتصال المنتشرة والمتكاثرة، مع وضع اسمه والمعلومات عنه وحتى أرقام اتصالاته وعنوانه كجزاء لخيانته.
إن قانون أمن الدولة الذي كان ساريا إلى ما قبل التصويت على الميثاق والانتقال إلى الملكية، لم يلغ برمته، أجل تم تنظيفه من كبار المجرمين سيئي الصيت في جهاز التحقيقات، ولكن استبدلت اللجنة الأمنية بجهاز الأمن الوطني أي أنه لم يلغ، غير أن الاعتماد على الكوادر الأجنبية غير المتعلمة (ممن تم تجنيسهم) كانت هي معضلة الجهاز وسبب فشله.
أصدر الملك في التاسع من مايو 2002 مرسوما ملكيا بإنشاء جهاز الأمن الوطني ليحل محل جهاز الإدارة العامة لمباحث أمن الدولة، وتم على إثره تعيين عبد العزيز عطية الله آل خليفة، الذي كان يشغل موقع محافظ منطقة العاصمة رئيسا للجهاز بدرجة وزير، وعين الشيخ خالد بن محمد آل خليفة الذي كان يرأس جهاز الإدارة العامة لمباحث أمن الدولة، مستشاراً للملك أيضا بدرجة وزير، على أن يتبع الجهاز مباشرة رئيس الوزراء ويتلقى أوامره منه.
ويأتي تشكيل هذا الجهاز وكأنه يعلن "بتورية" أن نهج أمن الدولة البوليسي هو الذي سيسود البلاد، وتزامن الإعلان عنه مع قصة العقيد (الجلاد الفار) عادل فليفل الذي ضج الإعلام بالحديث عن هروبه ومحاكمته، وليعود بعدها معفى عنه وفق المرسوم الملكي 56 وكأن شيئاً لم يكن وكأن الهدف منع التفكير وتسليط الضوء لوجود مثل هذه الجهاز في دولة تبدأ لتكون دولة قانون.
الواضح أن جهاز الأمن الوطني كما أطلق عليه، كان يعاني من قصور في الحصول على المعلومات اللازمة للأشخاص وكان لسد القصور فيه، تتم الاستعانة بوسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك والانترنت للتوصل لأسماء وعناوين الأشخاص. وتم وضع خط ساخن للتبليغ، لم يكن ما فعله النظام إلا نتيجة قصور كبير في الحصول على معلومات تكفل له التوصل للأشخاص.
في الوقت الذي كان يتمتع النظام في السنوات الماضية بيد طولى في عمليات التجسس التي تطال الشباب الثوري أو من لديه نزعه ثورية ووأد أي نية لها في مهدها. وكانت تستعين بكفاءات انجليزية لهذا الغرض واعتمدت في أدواتها على تجنيد بعض شباب "القرى" واستدراجهم للعمل كعملاء لديها مع ضمان بعض الامتيازات المالية أو الحصول على وظيفة وغيرها من الامتيازات البسيطة بالمقارنة مع المهمة العظيمة التي يقدمونها.
نجحت السلطة في تجنيد العشرات منهم ليس فقط لتلك الامتيازات وحسب، ولكن للإرهاب الكبير الذي كانت تمارسه في ظل نظام أمن الدولة وسلطته، فيمكن لرجل الأمن أو العامل في سلك الأمن أن يمارس ما يريد بمن يريد كيفما يريد دون أن يعاقب بل العكس، وكان رهاب الأمن كبيرا وعظيما في قلوب الأهالي أيامها، وكان من يدخل إلى دهاليز الشرطة يضمن انه محمي بل وأنه سيمتلك ما يشاء.
في ظل عمل جهاز الأمن الوطني البديل عن أمن الدولة يمكننا من خلال سنوات انطلاقته أن نقول إن أهم أنشطته التي يقوم بها هي عمليات الاختطاف التي تتم للنشطاء والسياسيين والمنتمين للتيارات والأحزاب المعارضة، وقد كانت تتم عمليات الخطف-إذ ليس لها مسمى آخر- في أماكن عامة وتحت تهديد السلاح ومن قبل أفراد مسلحين يتم تعصيب أعين المختطف وقيادته إلى جهة مجهولة دون أن يعلم به احد.
وكذلك كان سلاح الإعلام والتشهير والتشويش وتدفق الإشاعات كلها وسائل ابتدعها العاملون فيه، فكثرت إشاعة "قضايا الآداب مثلا " على عدد من رجال المعارضة، وكانت التهمة تتم بتمثيليات صورية لضبط التهمة، ولكن لن يكون هذا بعجيب إذا عرفنا أن العاملين في هذا الجهاز هم من المرتزقة من الضباط الذين يتميزون بسجلات غير مشرفة أو رجال امن متقاعدين أو من ذوي رجال أمن يعملون في البحرين من دول تتميز بأنها تمارس إرهاب أمن الدولة كباكستان والأردن واليمن ومن سوريا وعدد من البلوش والهنود وفلول البعثيين العراقيين، ومن يعرف بيئة هؤلاء وخلفياتهم الإجرامية يمكنه أن يتفهم أن الأمن بيد عصابة مجرمة تمتهن الإجرام باسم الأمن في البحرين.
المشاهدات في وقتنا الحالي تشير إلى أن جهاز الأمن يعيد لملمة فشله ويذهب يمنة ويسرة في داخل القرى للبحث عن من يستعين بهم للعمل لديه كجواسيس، بعد ان شعر بأنه يخسر المعركة.
وكثيرون ممن تعرضوا للخطف من قبل مرتزقة النظام ويساقون لأحد المراكز لمساومتهم أو إرهابهم في سبيل تجنيدهم كعيون لهم بين الشباب ليتمكنوا من السيطرة على المسيرات الليلية التي ترهقهم.
وأكثر ما يتم استهدافهم هم الشباب الصغير دون السابعة عشرة، أو بعض من ضعاف الحال الذين يمكنهم أن يغرروهم أو يرهبوهم، إلا ان الثورة اليوم والتي قادتها الدولة كحرب مذهبية قد وحدت الجميع وزادتهم في رص الصف وان كانت هناك شواهد على وجود العيون إلا أنها لم ترتق لتكون ظاهرة.
وعلى سبيل المثال، في المنامة فقط رغم قلة عدد البحرينيين فيها إلا أن العيون منتشرة بكثرة، أشهر عميل سري للمخابرات في المنامة هو باقر اللؤلؤي، وقد تسبب في العديد من المداهمات لمنازل العوائل البحرينية بالمنامة، واعتقال ابنائهم، يؤكد متظاهرون مشاركة اللؤلؤي في التصدي لبلطجية المنامة، وتؤكد مصادر موثوقة من أن الباكستاني المتهم بقتله 15 شابا من المنامة من بينهم الرادود الحسيني علوي أبو غايب الذي حصل على حكم البراءة فيما حكم على بقية المتهمين بالمؤبد، إذ يؤكد شهود عيان أن الباكستاني حين قام برمي نفسه من النافذة لم يكن قد توفي، ولكن تعمد العميل المخابراتي اللؤلؤي دهسه برجله عدة مرات على صدره أدى لوفاته، كما أكدوا أن هذا العميل كان مشاركا فاعلا في التصدي للبلطجية وضربهم، كما شارك في عدة مداهمات على المنازل أهمها الهجوم على منزل أهل زوجة الصحفي حيدر النعيمي ليلة اعتقاله، وقد أكد عدة أشخاص أنه كان ضمن المجموعة التي داهمت المنزل وكان أشدهم قسوة على العائلة وعمد إلى تحطيم أحد الأسرة حيث كان يختبئ تحته أطفال خائفون.