السلطة تبعثر المحاكمات الجماعية وتستفرد بالمعلمين ، أكثر من 50 من الكوادر التربوية يحالون للمحاكمة
2011-10-11 - 7:40 ص
مرآة البحرين (خاص): تقول إحدى التربويات اللآتي استلمن مؤخراً دعوة للمثول أمام المحكمة الجنائية: "تم فصلي من عملي في وزارة التربية والتعليم بسبب مشاركتي في مسيرة تطالب بمملكة دستورية خلال شهر فبراير، وتم التحقيق معي في العمل أكثر من مرة خلال شهر مايو حول هذه المسيرة، وتكرر التحقيق في مركز الشرطة خلال شهر يونيو. قبل أيام، خرجت صباحاً في قضاء احتياجات خاصة، عدت لأجد إحضارية من إدارة المحاكم تنتظرني في المنزل، لم تسلّم لي شخصياً. العنوان: تكليف بالحضور أمام المحكمة الجنائية المختصة. تطلب مثولي بصفة متهمة أمام المحكمة الصغرى الجنائية. تقول الاحضارية حول سبب مثولي "بشأن تهمته في سلامة وطنية المعاقب عليها قانوناً"، هذا نص ما كتب لي في الإحضارية. لا أحد يسألني ماذا تعني تهمة "سلامة وطنية" التي لم توضع لها حتى (ال) التعريف لتعرفها لغوياً قبل أن تعرفها اصطلاحياً، وكأن من كتبها لا يعرف اللغة ولا قواعد اللغة. سلامة وطنية، التهمة الهلامية التي تضع السلطة تحتها كل ما تريد دون حاجة منها إلى (ال) التعريف. علماً بأن خروجنا في المسيرات الذي نعاقب عليه اليوم، كانت كلها مشاركات قبل فترة السلامة الوطنية. وكانت بعد أن صرّح ولي العهد في التلفزيون والقنوات الإخبارية، أن الاعتصام في دوار اللؤلؤة مسموح به"
لا يزال الكادر التربوي إذاً، بعد ما يقارب 6 أشهر من انتقام السلطة من ثورة الشعب، يتجرّع ثمن وقوفه إلى جانب مطالب الحرية التي هي شرط التعليم، مقابل خنوع القهر الذي هو الوجه الآخر للجهل. لا يزال الكادر التربوي يدفع ثمن تمثله مقولة تولستوي: إن الحرية شرط كل تعليم حقيقي.
لم تكتف السلطة، بما نفذته خلال أشهر السلامة الوطنية، بمباركة وزير التربية العسكري ودعمه ومؤازته، من اقتحام المدارس، ومداهمة مبنى وزارة التربية والتعليم، وإلقاء القبض على مديرين ومديرين مساعدين ومعلمين، وطلبة أيضاً، وترحيلهم في باصات الأمن الخاصة، وفي أجياب الشرطة أمام الجميع كالمجرمين، وقيادتهم إلى مراكز الشرطة للتحقيق معهم وتوقيف بعضهم لأيام. ولم تكتف السلطة، بما فعلته في هؤلاء، من اعتقال وتحقيق وضرب وتعذيب وإهانات وتوقيف عن العمل وفصل تعسفي. لم يكفها ما قام به وزير المكارثية من تنزيل في المسميات الوظيفية لمن لم يفصل من هؤلاء، ونقلهم تعسفياً إلى وضع وظيفي أقل مما كانوا عليه. لم يكفهم كل هذا، فالآن، وبعد 6 أشهر من قمع التحرك الشعبي المطالب بالإصلاحات الوطنية، تبدأ جملة من المحاكمات الفردية للكوادر التربوية التي تم التحقيق معها خلال فترة السلامة الوطنية، حول مشاركتها في واحدة أو أكثر من المسيرات المطالبة بالإصلاح الديمقراطي.
الكوادر التربوية تستلم بشكل فردي، يومياً، عدد من هذه الإحضاريات. تقول للجميع النص غير المعرّف نفسه: "بشأن اتهامه في سلامة وطنية المعاقب عليها قانوناً"، ثم يتم تحديد تاريخ لجلسة المحاكمة يختلف من واحد لآخر.
هذه المرة، وبخبث مختلف، لا تأتي المحاكمات بشكل جماعي كما عودتنا محاكم السلامة الوطنية خلال الأشهر الماضية، الأمر الذي تعلم السلطة أنه سيتسبب لها في إحراج دولي وعالمي، بسبب ما تثيره محاكمة الكوارد المهنية من استنكار حقوقي ومنظماتي عالمي، وهو ما حدث مع محاكمة الكادر الطبي واعتقال الكادر الرياضي، لهذا عملت السلطة هذه المرة على تفريق الحزمة، وتشتيت المحاكمات، كي تضيع المحاكمات في صورتها الفردية، وتغيب عن الضجيج الإعلامي والعالمي، ويتسنى لها الاستفراد بالكوادر المستهدفة فرداً فرداً. ورغم أن تهم الـ"سلامة وطنية" التي يجري تعميمها على إحضاريات الاستدعاء مؤخراً، تنحصر في المشاركة في المسيرات خلال شهر فبراير، تضعه السلطة تحت عنوان التجمهر والتحريض على كراهية النظام، وهي قضية واحدة غالباً عند معظم من تم تكليفهم بالمثول أمام المحكمة، إلا أن السلطة مع ذلك استخدمت أسلوب تفريق الحزمة، من أجل ضمان الاستفراد والتعتيم الإعلامي، فهي تعلم أن الواحد يمكن كسره وتخويفه والاستفراد به بسهولة، لكن الحزمة تقوي الواحد وتجعله أكثر صعوبة.
(مرآة البحرين) حاولت الحصول على أسماء التربويين الذين تمت إحالتهم للمحاكمة في محاولتها لحصر أعدادهم، لم يكن الأمر سهلاً مع سياسة البعثرة التي تعمدتها السلطة في الاستدعاء للمحاكمات، وتوزع التربويين بين أكثر من 200 مدرسة بالإضافة إلى إدارات الوزارة المختلفة، وهو ما يجعل رصد حالات الانتهاك في وزارة التربية أكثر صعوبة.
تمكنت (مرآة البحرين) من الحصول على أسماء أكثر من 50 حالة من الكوادر التربوية تمت إحالتهم للمحاكمة. ثلاث منها صدر فيها حكماً: أ.مهدي أبوذيب رئيس جمعية المعلمين (10 سنوات)، أ.جليلة السلمان نائبة رئيس جمعية المعلمين (3 سنوات)، أ.خديجة سعيد المعلمة بمدرسة يثرب الاعدادية بنات (3 سنوات). فيما بدأت محاكمات عدد آخر من الكوادر التعليمية، وتم استدعاء آخرين.
من بين الذين تمكنت (مرآة البحرين) عبر مصادرها الخاصة من الحصول على أسمائهم، هناك مديرو مدارس يجري تقديمهم للمحاكمات الآن، منهم: أ.فاطمة أبودريس، أ.رباب السماك، وأ.زكريا ابراهيم. أيضاً يجري تقديم عدد من المديرين المساعدين مثل أ.عبد الكريم شكيب وأ.سيد محمد باقر وأ.محمد مهنا وأ.هادية عباس. كما يجري تقديم عدد من الاختصاصيين والاختصاصيين الأوائل مثل أ.باسمة القصاب وأ.سكينة العكري وأ.فهد حسين وأ.ابراهيم الغانم. أيضاً يجري تقديم عدد من المعلمين والمعلمات، ففي مدرسة يثرب الاعدادية وحدها هناك 11 معلمة تم تقديمهن للمحاكمة حتى الآن، فيما تنتظر أخريات كل يوم وصول الاستدعاء لهن بسبب التحقيق معهن في نفس القضايا. أيضاً يجري تقديم مجلس إدارة جمعية المعلمين بالكامل للمحاكمة. إضافة إلى عدد كبير من المعلمين والمعلمات في المدارس المختلفة، لدى (مرآة البحرين) أسماؤهم. هذا وسوف تستمر (مرآة البحرين) في محاولة الوصول إلى العدد الكلي للتربويين المحالين للمحاكمة وستوافيكم بآخر ما تصل إليه في هذا الخصوص.