تداعيات جريمة الأحساء: ما مدى جدية مواجهة المنابت التكفيرية في الخليج؟
2014-11-06 - 6:55 ص
مرآة البحرين (خاص): ما مدى جدية دول الخليج في مواجهة الجماعات التكفيرية المسلحة داخل بلدانها؟ وما مدى جديتها في التعامل مع منابتها ومنابعها بشكل حازم وقاطع؟
لا يبدو أن دول الخليج جادة في اجتثاث الوجود التكفيري الداعشي في دولها، مهما تظاهرت بذلك لتحمي صورتها دولياً، وأرسلت من طائرات حليفة لقتال داعش خارج حدودها، فلا يزال التعامل مع الخلايا الداعشية في الداخل مشوب بتكتم شديد ولا زالت منابت تفريخ الفكر الداعشي رابضة مكانها دون تحريك، ولعل تداعيات الجريمة الارهابية التي وقعت ضد معزين شيعة قبل يومين في الأحساء 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 تكشف الكثير التراخي في التعامل مع الوجود التكفيري المسلّح، إن لم نقل الداعم لهم.
فلم يكن ما تعرّض له أهالي بلدة الدالوة بمحافظة الأحساء حادثاً عرضياً. من أطلق النار ليست جماعة غير منظمة قررت أن تذهب ببضع رشاشات لتُطلق النار على مرتادي الحسينية في ليلة العاشر من المُحرم. الرواية الرسمية السعودية تؤكد ذلك ولكن على نحو متفرق خشية الاعتراف بنهج تكفيري قادم من سوريا والعراق ومُنظّم لقتال الشيعة في المنطقة الشرقية.
قبل الحادثة بأقل من 4 ساعات، تحدث خطباء شيعة في مجالس حسينية (أبرزهم الشيخ منير الخباز) دعو فيها الشيعة من مرتادي الحسينيات لأخذ الحيطة والحذر وتبليغ المنظمين عن أية حركة مشبوهة أو أشخاص مشبوهين من مرتادي المأتم، في إشارة إلى إبلاغ السلطات الأمنية للخطباء ورجال الدين الشيعة في المنطقة الشرقية بالحذر من أمرٍ يُحَضّر لليلة العاشر من مُحرّم والتي يشهد حضورها الذروة. لكن السؤال المطروح هنا: لماذا لم تتخذ السلطات أي خطوة رسمية قبل وقوع جريمة القتل طالما أنها كانت على علم بأن ثمة أمر إرهابي يخطط له؟
في ذلك المساء، وبعد انتهاء أهالي بلدة الدالوة من مراسم العزاء في حسينيتهم وهمّوا بالخروج عند الساعة 11:30 ليلاً، فاجأهم ثلاثة مجهولين مسلحين برشاشات أوتوماتيكية، يسيرون مترجلين نحو الخارجين من الحسينية، يطلقون النار بشكل عشوائي، أسقطوا 5 شهداء و9 جرحى كحصيلة أولية، وخلال فترة وجيزة كانت الهوليكبترات ورجال الأمن والإسعافات تملأ البلدة، قاموا خلالها بإجلاء المصابين من قتلى وجرحى لتلقي العلاج، فيما انصرفت قوات الأمن السعودية لملاحقة المُشتبه بهم.
خلال أقل من 48 ساعة حصلت مواجهات أمنية في 5 مناطق متباعدة جغرافياً ( الأحساء - مكان وقوع الجريمة - العاصمة الرياض، بريدة، الخبر، شقراء والبدائع) وأُعلن إلقاء القبض على 20 إرهابياً ومقتل ثلاثة آخرين، ما يعني علم السلطات مسبقاً بخلية تُحضّر لشيءٍ ما، خصوصاً بعد إبلاغ خطباء الحسينيات عن الأمر سابقاً، وسُرعة المداهمات اللاحقة زمنياً والمتباعدة جغرافياً عن مكان وقوع الجريمة.
ويبقى السؤال: أين كانت السلطات قبل وقوع جريمة القتل؟! وما مدى جدية دول الخليج في اجتثاث الوجود الداعشي وحواضنه من بلدانها؟ ولعل إقالة وزير الإعلام السعودي عبد العزيز خوجة من منصبه بعد ساعات قليلة من إعلانه منع بث قناة وصال التكفيرية في السعودية وإغلاق مكتبها، تثير تساؤلات أبعد، حول مدى نفوذ الوجود الداعشي في الخليج وقدرته على فرض نفسه في مواجهة من يحاول الوقوف بوجه أحد منابته.
وليس بعيد عن ذلك ما قاله وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي يوم 4 نوفمبر 2014، إثر الحادثة "لو لا عناية رب العالمين ويقظة رجال الأمن، لما استبعدنا وقوع جريمة مثل جريمة الإحساء في البحرين"، وهو بمثابة اعتراف ضمني غير مصرّح باكتشاف خلايا تكفيرية مسلحة في البحرين، كان من الممكن أن تنفذ جرائم مماثلة لولا القاء القبض عليها وسط تكتم شديد من السلطات البحرينية، وبلا تصريحات رسمية حولها، وهو أمر يبعث على الشك والريبة حول جدية التعاطي مع هذه الجماعات، وله تفصيل آخر.