حوار مع الشاعر غازي الحداد، على إيقاع اللطمية البحرانية: "أيها المنصف هذا وطن.. إن تشأ والي عليا أو عمر"

2014-11-05 - 6:00 ص

مرآة البحرين (خاص): في القصيدة الموكبية وتحولاتها يظهر موكب (الحسينية المهدية) في البلاد القديم كحالة واضحة على هذا التحول الذي تناول قضايا سياسية واجتماعية أصبحت مثار جدل واسع في المجتمع.

الشاعر غازي الحداد أحد أبرز الوجوه الشعرية في البحرين يتحدث عن هذه التحولات على قاعدة "العَبرة على الحسين بدون العِبرة تتحول إلى انهمار بلا مضمون" خالطت قصيدته عَبرة المأساة بعِبرة السياسة.

منذ الثمانينيات وقصائده الموكبية شبه موقوفة على الرادود فاضل البلادي، ومؤخراً انفتحت على الرادود على الحمادي.

التقت مرآة البحرين مع الشاعر غازي الحداد، وفيما يلي نص الحوار معه:

مرآة البحرين: كيف تطورت اللطمية في موكب المهدية الحسينية لتحمل أفكارا سياسية واجتماعية؟

غازي الحداد: اللطمية من أدب الرثاء، وكل ما طرأ عليها من تطوير فهو استثناء يفرضه تاريخ وطني أو إقليمي. وتحت الانفعال الوجداني بوقائع كبرى في المنطقة على رأسها الثورة الإسلامية في إيران، أنتجت القصيدة الموكبية في الحسينية المهدية مناحٍ حسينية منطلقاتها مبادئ كربلاء الأصيلة وإسقاطاتها على واقع المظلومية الاجتماعية والسياسية التي مرّت بها الشعوب عامة وشيعة أهل البيت على وجه التحديد.

المرآة: ما هي البدايات في سياق هذا التطور؟

الحداد: كانت مع قصائد بسيطة إلا أنها كانت تحمل رسائل متأثرة بأفكار الثورة الإسلامية في تحقيق العدل، ومن بينها "يا نصير الدين يا صوت الجهاد... غللوا منا يا روح الله الأيادي"، ثم انطلق الموكب بحماس أكبر ليهتف "الوداع الوداع يا مجاهد... الصدر راح للشهادة وانت يا إمام للقيادة".

المرآة: كيف كانت الأجواء الأمنية في ذلك الوقت؟

الحداد: كانت الكلمة الحرة مكلفة جدا، ولذلك كان الكثير يتحرزون من المخاطر، إلى أن تحسن المناخ الأمني بعد احتلال الكويت الأمر الذي أدى إلى مزيد من الفسحة في حرية التعبير خصوصا في مواجهة ظلامات شعب العراق.

فبدأنا بقصيدة تأبين ورِثاء للشهيد السيد محمد باقر الصدر "أنت كالسبط حسين بالدماء ثائر... وأختك كزينبٍ يا محمد باقر"، ووقفنا في هذه القصيدة مع دول الخليج والموقف الرسمي من احتلال الكويت لشعورنا الراسخ بمظلومية هذا الشعب وما وقع على هذا الوطن الكريم المعطاء، ومن تلك الأبيات "ما اكتفى في حربه حتى أتى يغزو الكويت... كلنا يرفض للغزو فعد حيث أتيت... يا كويت الأهل صبرا فيزيد زائل... وتعودي يا بلاد الخير والنوائل... درة حرة رغم أنف الغادر".

المرآة: بعدها جاءت قصيدة "كان شرعيا هجوم الطاغية"؟

الحداد: نعم ، كانت تلك بداية القصيدة الصريحة والجريئة في موكب المهدية، وتوالت بعدها القصائد الصريحة في الموكب دعما للانتفاضة الشعبانية في وفاة الأمام علي، وتفجعا لما جرى على المؤمنين في قصيدة "دم الحسين يا علي تفجر... وأوشك البعث بأن يدمر"، ثم سايرت القصيدة عندنا سلسلة من الأحداث السياسية التي وإن ركزت على مظلومية شيعة أهل البيت إلا أنها اهتمت بالظلامات التي تعرض لها المسلمون في كل مكان.

المرآة: كتبت في إحدى قصائدك تقول "لا يكن هذا عزاء للحسين... دون أن يحمل ذكرا للخميني... أو شهيد العلم صدر الرافدين... ذي البهاء" هل ترى أن ذلك صحيحا؟

الحداد: نعم، الإسلام كأصل في متونه النصية كان يحتاج إلى تفسير محمدي صحيح، فكان موقف الحسين في التاريخ هو التفسير الأصح والأوضح، وجاء موقف السيد محمد باقر الصدر وروح الله الخميني بيانا صادقا على مبادئ الحسين العظمى والتي تمثل حقيقة الإسلام في ظل الشوائب الكثيرة فقلت أيضا "لا أرى الإسلام فهما واعيا... دون أن يشبه ما قد فهما".

المرآة: ما هي القضايا التي تناولها أيضا موكب الحسينية المهدية؟

الحداد: كان للمقاومة الإسلامية في لبنان وغزة حضور كبير في الموكب، ومن بين العناوين الكبيرة "خسئت إسرائيل المناضلون حسينيون" وقصيدة "يا رسول الله المطهر... جنوب لبنان تدمر"، وبالمناسبة تناولت هذه القصيدة قضايا المسلمين في كل مكان وتضمنت "بالنزاع حطمت ثورة الأفغان وقد احتل اليسار طاجيكستان وغزا الجيش الصليبي أذربيجان وقد استشهدت بوسنة البلقان والعراق مات مظلوما وعطشان وفلسطين بكت دما للبنان... يا محمد".

وتضمنت القصيدة استهزاء ورفضا لاتفاق "أوسلو للسلام" وفيها "كل كف صفحت باسم السلام كف رابين فذي كف حرامي".

المرآة: أثارت قصيدة "أبوكم أبو لهب يا أمة العرب.. وأمكم معروفة حمالة الحطب" ردود مختلطة... فما هي فكرت هذه القصيدة؟

الحداد: من يرى تنظيم "داعش" اليوم يفهم قصدي بالأمس، كنت واضحا في هذا الموضوع قبل أكثر من 15 عاما، وكان لدي إحساس كبير بأن هؤلاء هم الخطر الأكبر على الإسلام. ومن ضمن القصائد في التحذير من هذا الفكر قصيدة "الشمريون"، التي حذرنا فيها من اختزالهم للإسلام في أنفسهم، وتضمن أبيات تصف ما يجري الآن "فالرجال دونهم بهائم سوماء... ونساء غيرهم خدم وإماء"، وفيها تفاصيل دقيقة عن منهجيتهم الإجرامية في الفكر والعقيدة.

المرآة: لكنك تتهم بإثارة النعرة الطائفية بتناولك لمثل هذه الملفات الحساسة؟

الحداد: هذا الكلام ترد عليه القصائد الكثيرة التي تحث بوضوح على الوحدة الإسلامية والأخوة الإسلامية الصادقة وأبناء الوطن الواحد البحرين العزيز بطائفتيه الكريميتين المبجلتين رموزا وجماهير وفي ذلك خرج الموكب ليقول:

ما ضرك لو قال السني
عمر من بعد أبي بكرِ
أو قال الشيعي بأني
قد آمنت بآل الطهر
ما دام الحق مبادلة
والحب شعور بالصدر
وإذا ملت بيوم الضيم
أوجزت يديك على ظهري
وتقول يا بن البحرين
خذ حاجة عمرك من عمري

وفي هذا السياق خرج الموكب في ليلة استشهاد الأمام علي، في نهاية العام 2010بأبيات تقول:

وطن هذا وبيت واحد
وحمى يحرسنا من كل شر
كل شيء حولنا ينذرنا
أننا نحيا على كف الخطر
وإخاء لا تضيعوه على
ذمة التاريخ يا أهل الفكر
أيها المنصف هذا وطن
إن تشأ والي عليا أو عمر
ويكون الحق للأولى به
كان بالأصل لبدو أو حضر

المرآة: يقول البعض إنك حولت الموكب إلى منتدى سياسي... ألا ترى أن الإسهاب في تناول القضايا السياسية يضر بالموكب؟

الحداد: هذا الادعاء غير موضوعي لأن أكثر من طرق أبواب الأسى والتفجع في سيد الشهداء وأهل بيته هو موكب المهدية بنصوص بدأ يستهل منها خطباء المنبر الحسيني وباتت تقرأ في أشد مواقف كربلاء لوعة وكمدا.

أما تناول القضايا السياسية فلأن الحسين "عبرة وعِبرة" كما يقول الإمام الصادق، ولا بد أن تحمل العبرة عبرة وإلا تحولت إلى انهمار وضجيج بلا مضمون.

المرآة: وفي أي سياق تضع "قصيدة عالم الإسلام" التي يرى الكثير أنها تهاجم المجتمع بشكل متجنٍ؟

الحداد: هذه القصيدة نقدية لحالة اجتماعية انتهازية تسللت إلى المجتمع الإيماني الذي حاولت الدفاع عنه ولو كان ذلك بقوة التصريح، وهي تتتبع تلك الحالة الانتهازية التي كان لابد من التأشير عليها ومواجهتها بغرض إصلاحها، وهي لا تخص مجتمع بعينه.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus