من تركيب السواد إلى حرق سيارة مترشح، هكذا تأتيك التهم وأنت غير آمن
2014-10-26 - 2:24 م
مرآة البحرين (خاص): بوجه شاحب وهزيل، وأنف تعلوه رضَّوض عند المنتصف، وعين محمرّة وغائرة وفم منتفخ، طالعتنا صورة الشاب عبدالكريم عبدالنبي (17 عاماً) التي نشرتها وزارة الداخلية، متهمة عبدالنبي مع اثنين آخرين بحرق سيارة المترشح العصفور في جزيرة سترة ومؤكدة اعترافهم بالفعل.
كانت قوات النظام قد اختطفت كل من عبدالكريم عبدالنبي وصادق جعفر وسلمان مكي يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2014 من منطقة مركوبان في جزيرة سترة، وهي نفس منطقة سكن المرشح النيابي الشيخ مجيد العصفور. كان الشبان الثلاثة يقومون حينها بتركيب رايات ويافطات شهر محرم استعدادا لموسم عاشوراء الذي يحييه الشيعة في البحرين. لم تكن المنطقة تشهد أية احتجاجات أو اضطرابات أمنية، عندما اقتربت سيارتان مدنيتان، نزل منهما عدد كبير من المدنيين الملثمين لاحقوا الشباب، بمساندة دوريات أمنية عند الساعة الحادية عشر مساء.
جاء ذلك ضمن حملة مداهمات واعتقالات واسعة، تشنها قوى النظام البحريني على الشباب في مناطق مختلفة من البحرين قبل دخول شهر محرم، وهو ما تكرّر خلال الأعوام السابقة ضمن منهجية النظام في التضييق على المواطنين الشيعة واستهدافهم في عقائدهم.
عوائل المختطفين، ظنّت بادئ الأمر، أن المسألة لا تتجاوز هذا النوع من التضييق، لكن المفاجأة عندما أعلنت الداخلية في بيان لها نشرته يوم الجمعة 24 أكتوبر، اتهمت فيه الثلاثة بحرق سيارتي مجيد العصفور المترشح للانتخابات النيابية، وقامت من فورها بنشر صورهم وأسمائهم!
عائلة عبدالكريم عبدالنبي تفاجأت بصورة ابنها المنشورة، وفاجأتها أكثر الحالة المزرية التي بدا عليها وجه ابنها. الناشط حسن عبدالنبي ذكر بأن أخيه قد تعرض لتعذيب شديد وهو ما كشفته الصور التي قامت بنشرها وزارة الداخلية حيث بدا واضحا آثار التعذيب على أنفه وفمه وعينه كما بدت أسنانه مكسورة منوها بأن هذا كفيل ببطلان التهم الموجهة لأخيه وبقية المعتقلين.
وأبدى حسن قلقه على مصير أخيه المجهول إذ لا زال محتجزا في مبنى التحقيقات الجنائية في حين أن زملائه بنفس القضية قد تم نقلهم إلى سجن الحوض الجاف مشيرا إلى تعمد التحقيقات التعتيم على أية معلومات خاصة بأخيه وبوضعه الصحي.
وذكر أنه وخلال 48 ساعة من حادثة حرق السيارة تم اعتقال 13 شخصا من منطقة مركوبان جميعهم تعرضوا للتعذيب وتخريب لمنازلهم أثناء المداهمات، وقد اختير منهم ثلاثة لحادثة حرق السيارة بينما الآخرون ينتظرون تهما وقضايا أخرى يتم تلفيقها لهم كما هي العادة منذ 2011.
وذكر عبدالنبي بأن الأهالي تفاجئوا بعرض صور ابنائهم في الإعلام الرسمي وإلصاق حادثة حرق سيارة المترشح من دون أدلة واضحة بل أن صور المعتقلين تثبت وبشكل قاطع تعرضهم للتعذيب الشديد وإكراههم على الاعتراف. فيما لم يسمح للمعتقلين بحضور محام خلال التحقيق، كما نشرت صورهم في وسائل الإعلام للتشهير بهم حتى قبل عرضهم على المحكمة.
وبالرغم من تصريح الشيخ العصفور لتلفزيون البحرين بأنه لم يقدم بلاغا عن الحادثة وبأنه لا توجد له عداوات مع أهل المنطقة إلا أن الداخلية أصرت على فبركة الاتهامات لهؤلاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و18 عاما.
وتساءل عبدالنبي عن قانونية تشهير وزارة الداخلية بصور الأطفال وعرضها على الرأي العام قبل أن تخضع للمحاكمة وقبل أن تثبت إدانتها وقبل أن يقول القضاء كلمته إضافة إلى عدم توفير محام لهم وتغييبهم عن أهاليهم. الأمر الذي يعد انتهاكاً صارخاً لحقوق المعتقلين، وتسييس فاضح لتوجيه القضاء قبل أن ترفع القضية في المحكمة، وتثبيت للتهمة قبل المحاكمة.
وطالب عبدالنبي بإطلاق سراح جميع الأطفال المعتقلين بتهمة حرق سيارة المرشح مجيد العصفور وبفتح تحقيق مستقل حول التعذيب الواضح الذي تعرض له هؤلاء لإكراههم على الاعتراف بقضايا كيدية ذات خلفية سياسية رافضا استخدام هؤلاء الأطفال كمساومات وورقة ضغط على المعارضة لحملها على المشاركة في الانتخابات القادمة.