الهافينغتون بوست: نبيل رجب: بريطانيا تتجاهل حقوق الإنسان للحصول على مكاسب تجارية في الخليج

2014-10-24 - 2:00 ص

جسيكا ألغوت، صحيفة الهافينغتون بوست

ترجمة: مرآة البحرين

صرّح ناشطٌ بحريني في مجال حقوق الإنسان، ينتظر محاكمته حاليًّا، لصحيفة الهافينغتون بوست أنّ الحكومة البريطانية تتحمّل بعض اللّوم في سماحها للسّلطات البحرينية القمعية بالقضاء على الحركة الديمقراطية في البلاد.

وكان رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب قد قضى عامين في السّجن لدوره في انتفاضة البحرين خلال فترة انطلاق حركة الرّبيع العربي.

وقد تمّ الإفراج عنه في مايو/أيّار بعد أن أمضى مدّة الحكم كلّها في السّجن ومن المرجّح أن يواجه حكمًا بالسّجن لمدّة طويلة، مجدّدًا، عقب ما وجهت له تهمة إهانة مؤسّساتٍ حكومية بحرينية على موقع تويتر، البارحة، وكان قد ربط بينها وبين الجهاديّين المتطرّفين في تنظيم داعش.

ويأتي هذا الاتّهام في أعقاب حكم قضائي بإمكانية أن يواجه أمير بحريني المحاكمة في المملكة المتّحدة بناءً على ادّعاء يُفيد بتورطه مباشرةً في أعمال تعذيب ثلاثة متظاهرين مطالبين بالديمقراطية.

وقد حكمت المحكمة العليا بأنّ الأمير ناصر بن حمد آل خليفة لا يتمتّع بحصانة بسبب مكانته الملكية، ولكن يمكن محاكمته فقط في حال ظهور أدّلة جديدة.

وقد كان الأمير ناصر زائرًا منتظمًا لبريطانيا، وكان يقضي الوقت مع أعضاء في الأسرة الملكية. غير أنّ البحرين تنفي بشدّة ادّعاءات التّعذيب.

وكانت سلالة آل خليفة الملكية قد حكمت البحرين لأكثر من 200 عام-وشنّت قمعًا وحشيًّا ضد المحتجّين المعارضين للنّظام في فبراير/شباط عام 2011، عند وصول آثار حركة الربيع العربي إلى عاصمة البلاد المنامة. ووفقًا لمنظّماتٍ مثل هيومن رايتس ووتش ومنظّمة العفو الدّولية، فلقد ألحقت قوّات البحرين العسكرية والأمنية، بمساندة قوّات الأمن السّعودية، الأذى بأعضاءٍ في المعارضة، واعتقلتهم، وزجّتهم في السّجن ومارست التّعذيب ضدّهم، على مدى الأعوام الثلاثة الماضية.

وكما الولايات المتّحدة الأمريكية، تمتعت المملكة المتّحدة بعلاقات وطيدة مع البحرين، على المستويين الأمني والتّجاري. وقد وصف وزير التّجارة في حكومة توني بلير سابقًا العلاقة بين بريطانيا والبحرين بـِ "المميّزة".

ويُعَدّ رجب ناقدًا بارزًا لعلاقة التقرب القائمة بين دول الخليج والحكومة البريطانية، والتي تُغذي التراخي في مواجهة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.

وكان رجب قد صرّح لصحيفة هفينغتون بوست البريطانية في إحدى مقابلاته الأخيرة، قبل اعتقاله، أنّه "ما من أحد يريد التّدخل في هذا الجزء من العالم بسبب نفوذهم. الأمر ليس مشابهًا حين يحدث شيء ما في إيران، أو العراق أو سوريا. وتتوخّى المملكة المتّحدة الحذر خاصّة من التّدخّل في بلد كالبحرين والسعودية. وهذا يجعل نضالنا من أجل الديمقراطية في غاية الصّعوبة. ولا أتوقّع أن تتم مناقشة الأمر في البرلمان هنا، أو في الاتّحاد الأوروبي، ومع ذلك من المُحَيّر مدى تساهل الحكومة هنا. إنّه لأمر مخيّب جدًا للآمال."

وخلال زيارة له إلى المملكة المتّحدة العام الفائت، استجوبت السّلطات البريطانية رجب واعتقلته. وقال "إنّهم أوقفوني في المطار لمدّة خمس ساعات، أمام أولادي." وبعد مغادرته أوروبا، عاد إلى البحرين لمواصلة نشاطه ولكن تم اعتقاله بعد أقل من 24 ساعة على وصوله، إذ كان قد نشر تغريدة عبر حسابه على موقع تويتر لمتابعيه ال 239،000، ذكر فيها وجود علاقة بين التّطرّف المزعوم في أجهزة الاستخبارات البحرينية ومقاتلي تنظيم داعش:

نبيل رجب

إنّ الكثير من الرّجال في #البحرين الذين انضمّوا إلى #الإرهاب و #داعش أتوا من أجهزة الأمن وتلك الأجهزة هي الحاضنة الأولى لهذه العقيدة.

28، سبتمبر/أيلول، 2014

وبموجب المادّة 216 من قانون العقوبات البحريني، فإنّ عقوبة هذه الجريمة تصل إلى السّجن ثلاث سنوات. إذ تنصّ المادّة 216 على أنّه: "يُعاقب بالسّجن أو بدفع غرامة كل شخص يهين، بأي من وسائل التّعبير عن الرأي، المجلس الوطني، أو المؤسّسات الدستورية الأخرى، أو الجيش، أو المحاكم، أو السلطات أو الوكالات الحكومية".

وكان آخر حديث لصحيفة الهافينغتون بوست مع رجب للمرّة الأخيرة في سبتمبر/أيلول، حين كان في زيارة المملكة المتّحدة بهدف إثارة قضية ناشطة أخرى، مريم الخواجة البالغة من العمر27 سنة، وهي مواطنة بحرينية-دانماركية غادرت البلاد بعد اعتقال والدها. ومن ثمّ قرّرت العودة إلى بلدها الأم لزيارة والدها، الذي كان مضربًا عن الطّعام في السّجن احتجاجًا ضد النّظام. فتمّ اعتقالها في المطار، ووُجِّهت إليها تهمة الاعتداء على ضابط في الشرطة، وقد وصف رجب هذا الاتّهام بالهراء.

وقال إنّ "هذا الأمر لا يتعلّق بشخص واحد." وأضاف أنّ "والد مريم وآخرون مضربون عن الطعام. وقد أمضت أخت مريم سنتين في السّجن، وقضى عمّها ثلاث سنين وراء القضبان، وإضافة إلى ذلك، يوجد الكثير من القضايا العالقة. ويتعرّض آلاف المعتقلين لسوء المعاملة في السّجن. وهذه فرصة لكشف كل هذه القضايا للعالم. توجد قضايا تتجاوز قضيتي وقضية مريم. إنه لأمر عظيم أن يتم تجاهل قضيتنا من قبل الإعلام."

وقد رفض التّلميحات بأن الاحتجاجات والاعتقالات في البحرين تلعب دورًا ثانويًا في اهتمامات قادة العالم حيث أنّ تقدمّ جيش الجهاديّين المتطرّفين في العراق وسوريا يشغل كل تفكيرهم. وقال "لأكون صريحًا، كان هناك دومًا الكثير من الأسباب وراء عدم تسليط الضّوء على البحرين. فالمجتمع الدّولي كان منشغلًا بليبيا، ومصر، وإيران من قبل، أو هذا ما يزعمونه."

وأضاف قائلاً: "لكّن هذا ليس السبب فعلًا، بل هو حجم التأثير الذي تمارسه دول الخليج على هذا البلد، لا أنّهم منشغلون بأمورٍ أخرى. فالبحرين لها تأثير كبير. ولذا يشعر النّاس بالقلق. فمن الممكن أن يؤثّر عدم الاستقرار في البحرين على السعودية، ولبريطانيا الكثير من المصالح هناك."

ومنذ اعتقال رجب، تمّ إطلاق سراح مريم الخواجة ورفع حظر السّفر عنها، ولكّنّها بانتظار محاكمتها في ديسمبر/كانون الأوّل. وستسافر إلى بريطانيا هذا الأسبوع لردّ الجميل لنبيل رجب، والسّعي إلى لفت الانتباه قضيته.

وصرّح رجب أيضًا أنّه وإخوانه المعارضين سيواصلون نضالهم، حتّى لو كان ذلك من داخل السّجن أو من المنفى، وقال "إنّ هناك حركةً شعبية، وثورة تُصنَع ولن يتمكّن أحد من إسكاتنا. الثورة لا تزال مستمرّة، أسبوعًا تلو الآخر."

وأضاف قائلًا إنّ "الوضع يتحسّن، وإنّنا نجني ثمار عملنا. لدينا 47 دولة وقّعت على عريضة لوقف القمع، وهذا يشكّل تطورًا. وللأسف، ليست الدّول المشابهة للمملكة المتّحدة مستعدّة لفعل هذا الأمر. لكنّ عدّة دولٍ أوروبية أخرى مستعدّة لذلك، وبالتّالي يزداد الوعي شيئًا فشيئًا في المجتمع الأوروبي."

وقال رجب إنّ بريطانيا قضية خاسرة، مضيفًا أنّه "حتّى في الولايات المتّحدة الأمريكية، لا يقدّم الأمريكيّون تحديدًا دعمهم لنا، ولكنّهم لا يمنحون أيضًا تأييدهم للحكومة البحرينية. أمّا وضع البريطانيين فمختلف. إذ أنهم لا يدعمون فقط التّجارة مع البحرين، بل ينقضّون أيضًا للحصول على أي تجارة توقفها شركة أو دولة أخرى احتجاجًا على الانتهاكات المتعلّقة بحقوق الإنسان."

 

11 أكتوبر/تشرين الأوّل، 2014

النّصّ الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus