أصفار الانتخابات: الحكومة في المعترك الانتخابي خاسر غير شريف (2-4)
2011-10-07 - 8:49 ص
مرآة البحرين (خاص):يعترف الخاسر في الانتخابات التي تجري في الدول ذات الديمقراطيات الراسخة، بهزيمته حتى قبل أن يعلن الفائز عن ذلك بل حتى قبل أن تعلن النتائج النهائية، ليقول إنه خسر بشرف.
في "الديمقراطية البحرينية" تواجه عملية الانتخاب بحد ذاتها الفوز والهزيمة، لكن الخاسر لم يعترف للآن بهزيمته، رغم تبعاتها وتكاليفها الخطيرة على الدولة والمجتمع.
في البحرين لا أحد مهتم بمن سيفوز بالأصوات ويصل إلى البرلمان، وهل سيمثل إرادة الناخبين فعلا، أم أنه لن يمثل سوى 2% منهم. السباق في هذه الانتخابات هو بين الحكومة والمعارضة وهو في جولتين أيضاً.
الجولة الأولى كانت في الترشح للانتخابات، إذ كانت الحكومة خلالها جادة في التعبير عن مخاوفها من أن تكون هناك دوائر خالية من المترشحين، لكنها ومع الأسف الشديد فازت في هذه الجولة، وإن لم يكن فوزها نزيها، بعد تقديمها رشاوى مالية ضخمة للانتهازيين والمتسلقين ممن خسر في انتخابات 2010 حتى يعيدوا ترشحهم، ومن المثير للسخرية أن عدد المترشحين في هذه الانتخابات فاق مثيله في 2010.
أما الجولة الثانية فهي في مقاومة حملة تصفير صناديق الاقتراع، تماما كما كان قطاع عريض من الشعب يقاوم حملة "القمع" دون أن يستطيع منعها. فالأصل أن هذه المقاعد هي لنواب المعارضة الذين اكتسحوا انتخابات 2006 و2010، وبعد استقالتهم، أرادت الحكومة أن تكون هذه المقاعد نهبا للآخرين، وبذلك ينتهي دور المعارضة أو يصادر في المسرح السياسي عند هذا الحد.
تعرف الحكومة أنه كان تحديا خاسرا منذ البداية، وأنها مهزومة لا محالة، لكنها لا تعترف، وتراوغ، ما يجعل فضيحة الخسارة أثقل. الحال أن الحكومة خاسر غير شريف ومكابر، رغم أنها هزمت هزيمة مدوية في جولة "التصفير"، وفي المحصلة النهائية لهذا المعترك، الذي لم يكن نفسه سوى جولة من جولات الصراع المحتدم بين النظام وثورة 14 فبراير، والذي تسجل فيه الأخيرة مزيدا من التقدم يوما بعد يوم.
على عكس الجولة الأولى، لم تأخذ عملية فرز الأصوات في جولة الإعادة أكثر من 3 ساعات رغم أن عدد المقترعين في الجولتين متقارب جدا، فحساسية الجولة الأولى دفعت وزير العدل إلى تأخير إعلان النتائج إلى الصباح حتى لا تزداد المؤشرات غير الطبيعية التي تفضح هذه الانتخابات.
لكن الأرقام التي أظهرتها النتائج، كافية لوحدها في أن تبين مهزلة الانتخابات، لتضع على المحك مصير هذا المجلس وإلى متى يمكن أن يصمد، بعد أن صار ليس أكثر من سلطة مفروضة وشبه معينة وغير مفوضة في نفس الوقت، وذلك إلى جانب السلطتين التنفيذية والقضائية التي تحتكرهما العائلة الحاكمة.
ماذا أفرزت هذه الانتخابات؟ ولماذا امتنع وزير العدل عن ذكر النسب الحقيقية للمشاركة في العملية الانتخابية؟ وكيف ستتخلص الحكومة من هذا البرلمان الذي بات عالة عليها؟
تجيب على ذلك الإحصائيات المرعبة التي أعدتها مرآة البحرين بناءً على تفاصيل الأرقام المنشورة في موقع vote.bh وأرشيف صحيفة الوسط الخاص بالانتخابات النيابية في 2006 و2010، وتنشرها في تقارير منفصلة.
الأرقام التي أخجلت وزير العدل
أكثر من أربكتهم تصريحات وزير العدل وبياناته هم الصحافة الدولية، فقد جاءوا ليسمعوا كلاما حول هذه الانتخابات، إلا أن الوزير كان يتحدث عن انتخابات أخرى، فاختلطت عليهم الأرقام، رغم التوضيح الذي اضطرت السلطة إلى إصداره عبر التلفزيون.
وفي الواقع، فإن نسبة المشاركة التي يخجل الوزير من أن يعلنها، هي ليست 17% التي أعلنتها المعارضة، ذلك أن معايير الحساب تختلف عند الوزير وكل تيار السلطة، فهو يضم الأصوات التي ذهبت لنواب التزكية إلى المشاركة، بل يصرح أن هؤلاء "شاركوا" فعلاً في عملية التصويت! وعليه فإن نسبة المشاركة في هذه العملية سترتفع إلى 36.22%، لكنه كذلك رقم لا يرضي الوزير ويخجل أن يعلنه
والحقيقة أن نسبة المشاركة هي 13.42% فقط من مجمل الكتلة الانتخابية في هذه الدوائر، في حين بلغت هذه النسبة 59.6% في انتخابات 2010!
وتؤكد الإحصاءات أن 5 دوائر من أصل 14 دائرة جرت فيها الانتخابات، كانت المشاركة فيها لا تتعدى 10% فيما بلغت في دائرة سادسة 10.6% فقط في الجولة الأولى، وتراوحت المشاركة المترنحة في بقية الدوائر بينما هو أقل من 20% من الناخبين في 3 منها، وأقل من 30% في 3 دوائر أخرى، فيما شهدت دائرتان فقط مشاركة أكثر من 30%، وبلغ الحد الأقصى لنسب المشاركة في سابعة العاصمة ب 37.6%، فيما بلغت أدنى مشاركة في رابعة العاصمة ب 3.7% فقط.
وانخفضت المشاركة في الجولة الثانية ليرتفع عدد الدوائر التي لم تبلغ نسبة 10% إلى 7 دوائر أي نصف الدوائر الانتخابية.
وعلى هذا النحو، ومقارنة بنسبة المشاركة في هذه الدوائر في انتخابات 2010، فإن المشاركة في هذه الانتخابات قد سوّيت بالقاع، وخسرت أكثر من 77% من قيمتها السابقة، رغم مقاطعة مجموعات كبيرة للانتخابات السابقة بسبب أزمة خلية 25.
ويكفي أن نعرف الفرق الفاضح بين نسبة المشاركة داخل هذه الدوائر وبين نسبة المشاركة في الدوائر 22، والتي بلغت 60.7%، حيث يبلغ الفرق أكثر 47.3%، ولا مجال للمقارنة إطلاقاً في هذا الميزان المختل.
من جهة أخرى، فإن مقارنة نسبة المشاركة في هذه الانتخابات بانتخابات 2010 من حيث العملية الانتخابية، تكشف مدى سقوط هذه العملية، إذ حين تصل المشاركة في العملية الانتخابية عام 2010 إلى 60.13% فهي لا تتجاوز في عملية 2011 نسبة 13.4% أي بمقاطعة قاتلة تفوق 86%، ما ينزع الشرعية بشكل كامل عن هذه الانتخابات وعن السياق السياسي الذي تأتي فيه.
وتكشف النتائج كذلك عيبا كبيرا يطال المشاركة في هذه الدوائر مقارنة بكل الانتخابات التي جرت سابقاً، إذ بلغت أدنى مستوى لها رغم ما شهدته الانتخابات الأولى عام 2002 من تحشيد واسع للمقاطعة، ويبلغ الفرق في بعض الدوائر أقل ب 95% عن انتخابات 2006 و2010 !!
الحلقة القادمة تجيب على سؤال: من هم المشاركون؟