» تقارير
عزيز... الطفولة في محاكم الانتقام
2011-09-26 - 11:35 ص
مرآة البحرين (خاص): ليس أكثر من براءة الأطفال صورة تفضح الانتهكات الإنسانية. صورة الطفل عبدالعزيز جعفر تجمع كل صور الفضح والانتهاك التي مورست على هذا الشعب. طفل قاصر، بلغ المعتقل ولم يبلغ الحلم بعد. نعم هو معتقل في سجون النظام البحريني على ذمة أربع تهم، الأولى أن عبدالعزيز ذو الملامح الطفولية الناعمة والشعر المنسدل محرض على كراهية النظام! لكن هل يعرف عبدالعزيز معنى كراهية النظام؟
عبدالعزيز لا يعرف معنى الكراهية، لكنه متهم بها، ورغم بنيته الغضة، فإنه أيضاً متهم بالاعتداء على رجل أمن!، نعم رجل أمن من القوات الخاصة التي تستبيح المناطق البحرينية يومياً. عفوا، إنه ليس رجل أمن، بل رجل مرتزق، والصفة هنا ليست هجائية، بقد ما هي معبرة حقيقة عن طبيعة عمل هذا الرجل (ارتزق الجنديُّ: حارب في جيش لا يتبع دولته؛ طمعًا في المكافأة المادِّيّة "جنودٌ مرتزِقة".
الثالثة من التهم التي تفوق طاقته، هي تكسير سيارات رجال الأمن!، والرابعة التجمهر غير المرخص.
والدة عبدالعزيز كانت تقرأ تميمتها عليه بعد يوم من مقتل شهيد العيد علي جواد الشيخ على يد مرتزق من مرتزقة وزارة الداخلية. منذ مقتل علي والأمهات يقرأن تمائمهن على رؤوس أطفالهن، فعلي أصيب في رأسه بطلقة غادرة من مسافة قريبة، ورؤرس الأطفال تحفظ في مخيلتها رأس أحمد فرحان المفضوخ.
خرج عبدالعزيز من المنزل، كانت هناك مسيرة سلمية تجوب منطقة باربار في المحافظة الشمالية حيث يسكن عبدالعزيز، هجمت قوات المرتزقة لتستبيح المكان، اصطادوا عبدالعزيز وانهالوا عليه ضرباً وحشياً، أضحى كطائر جريح بين يدي المرتزقة التي أخذته إلى قرب نادي الفروسية في منطقة البديع، وهناك أنزلوه وانهالوا عليه بوجبة ثانية من الضرب، تحرشوا فيه جنسيا عبر لمسه في أماكن حساسة دون أن يخلعو ملابسه، تم ضربوا رأسه بالجدار وأخذوه بعدها لمركز شرطة البديع.
وصل الخبر إلى والدة عبدالعزيز، لم تتمالك نفسها، فخرجت لتعتصم عند مركز الشرطة، وبعد ملاسنات ومناوشات تم الإفراج عن عبدالعزيز، لكن الحكاية لم تنته.
أسقط في يد الأم والعائلة، هطلت دموع الجميع، كيف يكن أن يسجن عبدالعزيز؟، ما زال كل شيء فيه غضاً، كيف سيدبر أموره؟، من سيتابع شؤونه اليومية؟ من سيعد له وجبته المفضلة؟ من سيرتب له سرير النوم؟، ماذا عن عامه الدراسي؟ أسئلة لا تفيد فهناك في النيابة العامة تم وأد العدالة منذ زمن، منذ أن تم تسليمها ضباطا لبسوا ثياباً مدنية تحت أسماء وكلاء ورؤساء نيابة عامة. يفترض أنها فرع من جهاز القضاء، لكن القضاء في البحرين شيمته الرقص على الجراح فلا عجب أن شُعبةً منه ترقص مثله على شعب ليس مثلها.
مع نهاية الأسبوع تم تحويل عبدالعزيز إلى المحكمة الجنائية يوم الأربعاء الماضي، ذهب الأهل لقاعة المحكمة، كان عبدالعزيز هناك ينظر لأمه من بعيد ودموعه تجري، كأنه يتوسل إليها أن تنقذه، تم توجيه التهم الأربع المذكورة إليه، سأله أحد أفراد العائلة في نهاية الجلسة قائلاً: ما معنى التحريض ياعبدالعزيز؟، أدار وجهه الجميل قائلاً: لا أعرف.
جدد القاضي أسبوعاً جديداً من السجن لعبدالعزيز، وهو مودع الآن في سجن الأحداث، يوم الأربعاء المقبل سيمثل عبدالعزيز أمام القاضي ثانية، ولا أحد يعرف مصيره.
النظام البحريني الذي وقع على اتفاقة حقوق الطفل، يُوقعها اليوم تحت قدميه، كما يوقع مرتزقته المتظاهرين يومياً تحت أرجلهم. المادة 24 من الاتفاقية تنص على أنه "لا يجوز حبس الحدث احتياطياً" مغزى هذه المادة أن الحدث هو شخص صغير السن، فهو ليس خطيراً، يمكن في الحد الأدنى محاكمته دون أن يتم حبسه، أن يبقى تحت رعاية أهله ريثما ينظر القضاء في أمره.
عبدالعزيز جعفر نموذج لانتهاك الطفولة في البحرين، ففي هذه المملكة التي تنهشها الذئاب البشرية المجلوبة لحماية سلطة فقدت أبسط مقومات الشرعية الشعبية، كل شيء تحت هذه السلطة منتهك، لذا يناضل في هذه المملكة الكبار والصغار، الرجال والنساء، الشباب والشابات من أجل أن يكون الإنسان عزيزاً. ربما كان ذنب عبدالعزيز هو اسمه، الذي يحمل صفة العزة!