» تقارير
تحوّل23 سبتمر: استباحات مفتوحة
2011-09-26 - 8:11 ص
مرآة البحرين (خاص): شكر صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة نائب جلالة الملك ولي العهد وقفة شعب البحرين التاريخية أمس «بالتفافه حول قائده جلالة الملك وبتعبيره عن روح الالتزام الوطني والمشاركة الفاعلة التي أعلنها مواطن البحرين أمس بممارسته حقه الانتخابي والتزامه الدستوري وتعميق نهج الديمقراطية الذي أسس له المشروع الاصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك الوالد والذي حظي بتأييد أهل البحرين الكرام».
لم تخرج أي من الصحف الرسمية عن نص هذا الشكر، وإذا ما أردت أن تعرف مجانية هذا الشكر، وتتأكد أنه معلق في الفضاء الفارغ حتى من الهواء، فعليك أن تلتفت إلى الشارع البحريني، هناك ليس في الأزقة الضيقة، بل في الشوارع العامة بدأت مرحلة جديدة، تيقن فيها الشعب البحريني أن من يواجههم ليسوا إلا بقايا النازية والصدامية والديكتاتوريات بمختلف نسخها، وليس هناك أدل عليها من الاستباحة، إنها خلاصة إنتاج القمع العربي والعالمي، من ضباط مخابرات إلى جلادين وجلادات، وذئاب بشرية يتم إطلاقها لتنهش لحم الناس وأعراضهم.
قرر الشباب البحريني بناء على دعوة ائتلاف 14 فبراير الزحف للرجوع إلى ميدان الشهداء، حددوا أربع محاور للانطلاق، كان أهمها منطقتي السنابس والديه، ومنطقة النعيم، ومناطق أخرى.
جيّشت وزارة الداخلية وجهاز الحرس الوطني جيوشهما، ومن تحت ستار العار جيش المشير الفاشل يعمل، المخابرات العسكرية ومخابرات الحرس الوطني ومخابرات الأمن الوطني، والمخابرات السعودية والإماراتية منتشرة في كل المناطق، آلاف من سيارات مرتزقة مكافحة الشغب التي يسميها البحرينيون قوات زعزعة الأمن تحاصر المواقع الأمامية لميدان الشهداء حيث كان نصب اللؤلؤة يرتفع عالياً، بينما انتشرت عشرات المدرعات التابعة لجهاز الحرس الوطني الذي يقوده محمد بن عيسى أخو حمد بن عيسى الملك.
في يوم الجمعة حاول متظاهرون الخروج من مجمع السيتي سنتر، ولكن في طريقهم للخروج تم إغلاق الأبواب بوجههم، وهجمت مرتزقة ومرتزقات قوات الشغب، تم اعتقال 38 امرأة و7 فتيات،تمّ تكويمهن ملقيات على بطونهن وأيديهن مقيدة من الخلف، في مشهد روّع البحرينيين ولم يُخفهم، ولم يروع بقايا بشر كانوا في الطابق الأعلى من المجمع يهتفون ضد المتظاهرين، بل أخذوا يهللون ويكبرون لدخول قوات الأمن ويشتمون إحدى السيدات التي تم اعتقالها في مشهد مخزٍ للإنسانية، في الأثناء هتف أحد السعوديين " الخنازير، أبناء المتعة".
في منطقة السنابس أحرقت مجموعة من المرتزقة منزلا بمن فيه في مشهد نازي هولوكوستي تماماً، نقلت (مرآة البحرين) شهادة أحد الجرحى وهو مدون يكتب تحت اسم: ليث البحرين، وقد أفاد لاحقاً أن أحد الجرحى معه، ما زال في حالة يرثى لها ووضعه غير مطمئن.
عشرات الجرحى والجريحات تساقطوا بالرصاص الانشطاري، والرصاص المطاطي الذي استخدمه المرتزقة، واعتقل كثير من الشباب والرجال، غطت سحب غازات خانقة كل المناطق، وهو ما دعا جمعية الوفاق إلى إصدار بيان وصفت ما جرى بأنه جريمة منظمة ضد أكثر من نصف مناطق البحرين وسكانها.
أما أمس السبت، فأكدت إجراءات مرتزقة الأمن الأجانب الذين يأتي بهم النظام من خارج البحرين لحمايته، أن ما يجري هو استباحة كاملة، نقاط التفتيش انتشرت في البحرين على طول الشوارع الرئيسية وخصوصا في وسط العاصمة، بدت البحرين كمعتقل نازي كبير تحت رحمة هتلر الخليج وذئابه وكلابه.
الاستباحة
المشاهد الأكثر ترويعاً وقسوة يوم السبت كانت في منطقة السنابس، أظهر المرتزقة خلالها أن لديهم الضوء الأخضر لاستباحة كل شيء، وأن كلام الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي قاله في الأمم المتحدة كان إنشائيا للاستهلاك الإعلامي، فقبل أن يجف حبره وقبل أن تبرد سخونة مقعد أوباما في العشاء الذي جلس فيه قبالة حليفه حسب وصفه حمد بن عيسى، كان الدم يسيل في البحرين والحرمات تنتهك كأقسى ما يكون.
في السنابس، تم اجتياح المنطقة من قبل الذئاب المتوحشة لأكثر من ست ساعات كاملة، أحرق خلالها منزل عائلة خميس بقرب مدرسة السنابس الابتدائية، منع المرتزقة الناس من إطفاء الحرائق وانقاذ العائلة، بعد مناوشات استطاع الناس إنقاذ العائلة، كما تم كسر نافذة عائلة سهوان من قبل المرتزقة الذين قاموا برمي عبوة من الغاز الخانق داخل المنزل مما أدى إلى اختناق امرأة ولتدهور صحتها، تأكد الناس تماماً أن السلطة تقيم محارقها وهي في نيويورك جالسةً باطمئنان بقرب حليفها الأميركي.
تم حرق مسجد الجوادين في منطقة السنابس، وارتفعت ألسنة النار عالياً، كمشاهد هوليودية كانت السنابس تُختطف منها كل حين امرأة، تعود وقد غطت وجهها بحجابها بحسب وصف الناشطة زينب الخواجة، يسألها الناس ما الذي جرى فتحكي لهم عن ضرب مروع وتحرش همجي، أكثر من 20 شاباً معتقلاً كانت حصيلة السنابس فقط.
النيابة العامة صبت الزيت على النار، بإعلانها توقيف 38 امرأة لمدة 45 يوماً، وتوقيف سبع فتيات قاصرات لمدة 3 أيام، ومنعت المحامية ريم خلف من حضور التحقيق، خلف التي كانت شاهدة على طريقة الاعتقال الوحشية في الستي سنتر، التقت بالمعتقلات نقلت لقناة اللؤلؤة أنه تم منع الموقوفين من النساء والأطفال من الأكل والشرب والصلاة منذ الأمس وحتى اليوم، مضيفة أن المعتقلة نور الغسرة تورمت رجلها اليمنى من كثرة الضرب وأن آثار الدوس عليها واضحة".
الشابة المعتقلة أشواق المقابي عمم أهلها رسالة، تفيد أنها تعاني بشدة من آلام مرض السكلر (فقر الدم المنجلي)، وأن حالتها تستدعي نقلها للمستشفى، ونقلت المحامية ريم خلف أن أشواق المقابي تم نقلها إلى المستشفى العسكري يوم الجمعة، لكنها لم تشر بدقة إلى الحالة الصحية للمعتقلة أشواق.
المناطق الأخرى الممتدة في المحافظة الشمالية أكثر من 40 قرية كانت محاصرة ومنتهكة بالغاز والرصاص، وفي العاصمة تمت محاصرة عشرات المناطق والأحياء، ووضعت الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش على شارع الملك فيصل، وشارع منطقة السلمانية، وتمّ إغلاق شارع الشيخ محمد في العاصمة المنامة، ووضعت نقاط تفتيش عند أحد تقاطعات شارع عيسى بن سلمان، وأغلق الشارع المؤدي لكوبري ميدان الشهداء من جهة منطقة السيف، وتمّ إغلاق مجمع الدانة ومجمع البحرين.
أجواء المناطق
في منطقة البلاد القديم خرجت تظاهرة منذ الصباح تم قمعها واعتقال عدد من الشباب الناشط، عرف بينهم حسن وباسل عبدالجبار ميرزا، وسيد هادي سيد ابراهيم، سيد حسن سيد علي، وسجلت كاميرات النشطاء دهس مواطن بسيارة للمرتزقة واعتقاله. ومن دمستان تم اعتقال المواطن حسن سالم، ومن سترة تمت مداهمة بعض البيوت واعتقال عدد من الشباب، بينهم مهندس يعمل في وزارة الكهرباء. وفي كرزكان أصيب طفل يبلغ من العمر خمس سنين بالرصاص الانشطاري في رجله، وتم ضرب خاله ضرباً مبرحاً من قبل قوات المرتزقة، كما تمت اعتقالات عديدة في مناطق أخرى.
تساقط الجرحى كالفراشات المحترقة بنيران المرتزقة، اعتقل العشرات، تم ايضا اعتقال مجموعة جديدة من النساء بينهن فاطمة وخديجة النينون ووالدتهما أم نضير، بدا المشهد تراجيدياً تماماً، إنها محرقة!.
البحرين لم تعد بعد استباحات 23و24 سبتمبر كما كانت، هكذا يقول شباب ائتلاف 14 فبراير، لقد تأكد للراغبين في التغيير، أن مشهد احتفال الموالين والسعوديين باعتقال امرأة معارضة في السيتي سنتر، وتكويم المعتقلات بشكل مهين، ليس بالأمر الذي يمكن أن يمرّ على كل المستويات، كلام أشار له السيد عبدالله الغريفي في بيان أصدره، قال فيه "ليس من الطبيعي أن يكون هذا في بلدٍ تربّى على العفة والشّرف وحماية العرض".
تويتات وفاقية
الشيخ حسين الديهي نائب الأمين العام لجمعية الوفاق، كتب في حسابه على تويتر "شعبٌ أعزل لا يملك إلا أن يصدح بصوته في مسيرة هنا أو اعتصام هناك، يُنكل به وتُنتهك حقوقه.. ويقال بأن هناك إصلاحا وديمقراطية !!، يتحدثون عن العروبة والشهامة والديمقراطية ويعتدون على النساء العزل في البيوت وفي الشوارع.. فأي عروبة وأي شهامة بقت لكم!!".
القيادي في جمعية الوفاق خليل المرزوق قال على حسابه في تويتر "بماذا تتباهى السلطة اليوم في البحرين أمام العالم.. أبالوحشية في التعامل مع الشعب وبالاخص النساء؟ أم بإحراق المساكن بمن فيها ؟ أم بالكذب الرسمي؟"
بيان وعد
مكتب قضايا المرأة في جمعية وعد أصدر بيانا قوياً، تحدث عن اعتقال النساء وإهانتهن والتعدي عليهن، قائلاً "إن قرار وكيل النيابة بحبس 48 امرأة 45 يوما، و حبس 7 فتيات "أحداث" 3 أيام على ذمة التحقيق، لهو انتهاك لكل المعايير والحقوق الإنسانية التي تعطي الحق لكل مواطن للتعبير عن رأيه بالطرق السلمية. كما يدين مكتب قضايا المرأة النهج البوليسي القمعي العنيف وغير المبرر الذي انتهجته وزارة الداخلية ضد المتظاهرات". وطالب البيان "بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلات في المسيرات التي انطلقت من جميع قرى البحرين مطالبة بالديمقراطية والعدالة الإنسانية".
القيادي خليل المرزوق، عاد ليكتب على تويتر جملة تعبر بدقة عما آل إليه الوضع في البحرين ومشاعر الناس المنتهكة حقوقهم "ما لا يدركه من يقف وراء هذه الوحشية ضد الشعب أن لكل طريق نهاية ويتخللها مفترق طريق وإذا انعطف الطريق لمفترق يصعب البدء من جديد أو الاستئناف".
البحرين دخلت منعطفاً حاداً، وهي تغلي الآن ويعلن مراقبون خلال تداولهم شأن البحرين خشيتهم من انفجارها قريباً، لم يعد للنظام فرامل على القمع، ومن جهة أخرى لم يعد للخوف مكان بين الشباب المؤمن بالتغيير، والإصرار والثبات أضحى ليس خياراً بل أمراً حتمياً على من يود العيش بحرية كإنسان.
ائتلاف شباب ثورة 14فبراير، أعلن بدء أسبوع جديد من النضال اسماه "إلا الأعراض"، لم يعد لكلمة التوقف مكانا في قاموس الشباب البحريني، مسألة العودة للميدان مسألة وقت ليس إلا، هكذا يقول ناشطون قريبون من الحالة الميدانية في البحرين، لكن استيعاب استباحة النظام ومرتزقته لكل الحركات والمقدسات وردود الفعل عليها، هو أمر ليس ممكنا توقعه، فقد بلغ السيل الزبى ونقطة اللارجوع بدأت منذ 23 سبتمبر.