» تقارير
خطاب الملك: من الأيام التي لم نعشها بعد، إلى أيام الترفيه والتسلية
2011-09-20 - 12:04 م
مرآة البحرين (خاص): جاء خطاب الملك وسط استقباله مجموعة من العوائل الشيعية الموالية مؤكداً مضامين خطاباته السابقة الرافضة لاتخاذ أي خطوة نحو الإصلاح، والإصرار على استمرار الوضع على ما هو عليه، كما جاء منفصلا عن الواقع تماما حتى إنه دعا الناس إلى عدم الانشغال بمشاهدة الأخبار والتركيز على الترفيه والاهتمام بمشاكل الصيادين والانصراف إلى الأمور المسلية والجميلة، في انفصال كبير بين واقع الملك وواقع الشعب الذي يعيش ويلات القمع اليومي، وعمال وطلبة مفصولين ومعتقلين ومعذبين، وليس ذلك فحسب فالملك يرى الواقع زهريا فيطال من شعبه التسلية، في حين هم يعيشون في قرى ومناطق تحاصرها غازات حكومة عمه الخانقة.
أولا: ما ميز خطاب الملك عن الخطابات الأخرى هو اطراءه الصريح والمباشر لرئيس الوزراء وحكومته، إذ قال جلالته:" الحكومة الرشيدة برئاسة صاحب السمو الملكي العم العزيز أنجزت إنجازات كثيرة، واحتلت البحرين المركز العشرين على مستوى العالم والمركز التاسع والثلاثين والثامن والثلاثين، بل واحتلت المركز الأول في العديد من المجالات، وكل ذلك بشهادة الأمم، وبشهادات خارجية دولية محايدة، وهذا إن دل فيدل على جهودكم أنتم، وعملكم ونشاطكم ونجاحكم في أعمالكم، من ينظر اليوم إلى البحرين وما حققته، لا شك أنه يرى البحرين سباقة، فلذلك تلقينا الضغوط، وهذه الضغوط تجاوزناها في الماضي، وتجاوزناها في الحاضر، وستبقى في المستقبل وسنتجاوزها بإذن الله، السر في نجاح البحرين هو قيم وأخلاق أهل البحرين وحبهم للعمل وحبهم لبعضهم وكرم نفوسهم"، وهذا ما يعبر ضمنيا عن رفض جلالته لمطلب الحكومة المنتخبة، كما عبر عن عجز جلالته من عزل "عمه العزيز" على أقل تقدير، بل اعتبر حكومة العم منجزة متجاوزا ما ارتكبته هذه الحكومة من سياسيات قمعية طوال العقود الماضية ومنذ تولي خليفة بن سلمان مقاليد السلطة الحكومية المتجذرة في أركان البنية التحتية للحكم، إذ لم تخلُ مرحلة من بصمة رئيس الوزراء في قمع المعارضة التي تغيرت من اليسار واليمين فيما بقى هو قابعا على كرسي السلطة طيلة أربعين عاما، ليكون بذلك أقدم رئيس وزراء، ناهيك عن استشراء الفساد والمحسوبيات والامتيازات في عهده المستمر، إذ ارتبط اسم "العم العزيز" بالشراكة الإجبارية في المشاريع الاقتصادية حتى هربت رؤوس الاموال، كما لا يمكن نسيان مشروع المرفأ المالي الذي اشتراه العم "بدينار" .. فهل هذه الحكومة المنجزة والسباقة التي يتحدث عنها جلالته؟
ثانيا: قال جلالته: "السير إلى الأمام بحكمة، هو مسئوليتي أنا، لأني لا أريد أن أرمي البحرين في الفضاء غير المعروف، أريد البحرين أن تكون دائمًا في كل خطوة إلى الأمام، وتؤمن نفسها من اليمين واليسار والخلف، حتى تنطلق إلى الأمام، لا يمكن أن أقود البحرين دون التفكير في ما حولي، ومن هذا المنطلق، بتشاورنا وتكاتفنا نسير بكل ثقة"، فيما كانت دعوة جلالته لدخول قوات درع الجزيرة واستدعاء قوات أقليمية للاستقواء بها ضد الشعب لا ضد عدو جاء مناقضا لما جاء في خطاب جلالته، فلم تعد البحرين تؤمن نفسها من أي اتجاه بعد تدويل قضيتها لتكون جزءا من الصراع الاقليمي تتقاذفه القوى الكبرى، وبالتالي فإن جلالته لم يقد البحرين إلى بر الأمان ولا إلى الامام، من جانب آخر فإن إعلام جلالته أثار النعرات الطائفية بين أبنائه مهدما الأركان الرئيسية للمجتمع حتى أصبح الحديث عن انفجار طائفي محتمل في أي لحظة، أليس هذا رمي فاضح للبحرين في فضاء غير معروف.
ثالثا: كما قال جلالته:" ونحن لا نتهم أي شخص، حتى في أثناء الأزمة المؤلمة التي مرت بنا، كل الكلام والتوجيه الذي سمعتوه منّا ومن سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد، دائمًا كان بأنكم تضعون الخير أمامكم وتريدونه للجميع".. متناسيا أن "العم العزيز" صاحب المقولة الشهيرة "لن نقول عفا الله عما سلف"، "والتوظيف على أساس الولاء" وغيرها من المقولات التي هددت وتوعدت الشعب والمعارضة على مدى أسابيع خلال فترة السلامة الوطنية لم يكن فيها شيء من الحسنى، كما أن عمليات الفصل التعسفي ومحاكم التفتيش في الضمائر والبحث في الولاءات جاءت بمباركة من "العم".
رابعا: أوضح الملك في خطابه:" أصدرنا الأوامر الكثيرة بمتابعة الحكومة عن أمور كثيرة منها ما قيل بأنهم فُصلوا، والبعثات الدراسية وموظفي الدولة، فالمعلومات في بعض الأحيان لا تكون دقيقة، فنحن الآن أردنا أن نتحرى الدقة في المعلومات، لأن الخبر يأتيك أحيانًا دون أساس، وينقله الآخر بإضافة، ويزيد عليه من يتلقاه بإضافة أخرى وهكذا، وقد تكون هي مسألة بسيطة، تتطور بسبب هذه الزيادات، العبرة بالنتائج ولا يشك أحد في ما سأقول، فأكبر فرح بالنسبة لنا هو سماع خبر توظيف بحريني، أو تخرج بحريني من جامعة، أو اختراع بحريني لشيء ما في الخير"ولكن على الرغم من توجيه جلالته للحكومة بإرجاع المفصولين إلا أن الحكومة الرشيدة صاحبة الإنجاز حسب تعبير الملك فضلت توظيف المتطوعين على إرجاع المفصولين، في انفصال واضح بين الواقع وما يقوله الملك، وفي ذات السياق يطالب الملك الناس بعدم التشكيك فيما يقول، فيما هو يشكك في هموم شعبه ويعتبرها عرضة للزيادات.
خامسا: أكد الملك في خطابه:" لا يوجد إنسان لا يحب تراب هذا البلد، حتى من يأتي من الخارج، بودّه أن يبقى، وإذا لم يستطع فيزور البلد من فترة إلى أخرى، لأنكم طيبون تستقبلونهم وتضيِّفونهم وتحترمونهم وتقدرونهم وتسألونهم عن أحوالهم هذا ما أتمنى أن يبقى لدينا كقوة تكون بديلة عن قوى القوة والعنف والشر فتكون قوتنا بالخير وبالطيبة وبالتسامح وبالتعايش، ترجموا هذه الكلمات، لا نريد أن نقولها ولا ننفذها، إذا كنا لا نستطيع أن ننفذها فلا نقولها" متناسيا جلالته أن هناك 41 شهيدا سقطوا أبرياء في تجسيد لشر حكومة جلالته، واستمرار القمع الليلي للقرى في تجسيد آخر للعنف والقوة التي تمارسها تلك الحكومة، لذا فإن جلالته يقول ما لا ينفذ.
سادسا: رفض الملك في خطابه ذكر المراحل التي مرت بها البلاد قائلا: "مررنا بمراحل لا أريد أن أذكرها، لكن كلنا نعرف مختلف الفترات التي مررنا بها، وكلها كانت من الخارج للتأثير على مجريات الأمور الطيبة الطبيعية في البلد، وتتجاوزها البحرين بتكاتف أهلها، كبيرة كانت أم صغيرة، وهذا بيتنا، حتى إخواننا إذا أرادوا أن يساهموا يدعون الباقي لك لأنهم لا يستطيعون أن يحلوا جميع مشاكلك أنت، ولا يستطيعون أن يتدخلوا في شئونك الخاصة، إلا بحد معين ومعروف" .. في قناعة تامة لدى جلالته بالمؤامرة التي لها ثلاثين عاما كما قال في خطاب سابق، رافضا ذكر ما تعرض له الشعب من قمع واستبداد خلال المراحل التي مررنا بها، أما فيما يتعلق بالحدود المعينة للتدخل فيبدو أن جلالة الملك يرى بأن دخول جيش تابع لدولة اخرى لأرضه تدخل ذو حدود معروفة لا تدخل سافر في شئون داخلية خصوصا برفض الجارة لأي تطور سياسي حقيقي في البحرين.
سابعا: قدم الملك نصيحة عائلية مطالبا الناس بعدم متابعة الأخبار، بقوله:" بقيت لدي نصيحة عائلية أود أن أشاركها معكم، هذه الدنيا بها الكثير من الأمور الجميلة والمسلية والوقت الطيب، أكثر مما نراه في التلفزيونات والأخبار، وإجهاد أنفسنا بهموم أناس بعيدين عنّا كل البعد، فإذا أردنا أن ننشغل، فلننشغل بهموم صيّادي البحر لدينا وبهموم الصناعة في البحرين، ننشغل في شئوننا الخاصة وبطريقتنا. وندع أوقاتًا لفرحتنا وأسرنا وتربية أبنائنا على المحبة، أما الأبناء إذا ما رأوا الأسرة مركزة على الأخبار والهموم ومشاهدة الأخبار المكررة لأكثر من عشرين مرة، هذا به مضيعة للوقت، ففي هذا الوقت تستطيع الاستفادة منه في القراءة فهي أفضل، وتنعش الذاكرة كما يقولون، أما إذا شاهدت التلفزيون وسألك شخص بعد خمس دقائق ماذا شاهدت، تنسى ما تشاهده لأنه لا يرسخ في الذاكرة" في انفصال كبير بين واقع الملك وواقع الشعب الذي يعيش ويلات القمع اليومي، وعمال وطلبة مفصولين ومعتقلين ومعذبين، في دعوة صريحة لعدم متابعة الاوضاع الاقليمية التي تعبر عن وعي الشعوب بحقوقها، وليس ذلك فحسب فالملك يرى الواقع مخضرا فيطالب شعبه بالتسلية والانصراف الى الامور الجميلة في قرى قبل يوم واحد فقط كانت تبكي شهيدها الـ 41.