مرآة البحرين (خاص): كان دقيقا حديث صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن البحرين تغلي تحت القمع، مساء أمس الخميس كانت البحرين تغلي، انتشرت المسيرات المناطقية وواجهتها قوات المرتزقة في وزارة الداخلية بأسلحة القمع وأدواته، كانت الشوارع والساحات معركة مواجهات حقيقية في عدد من المناطق أبرزها البلاد القديم، والديه وجدحفص، وقرية عذاري والسهلتين الجنوبية والشمالية، والجفير، وكرانة، وبني جرة، وكرزكان، والعكر، والدير وسماهيج، وعالي، وعشرات المناطق الأخرى.

لم يتعب الثوار بعد، فبعد مواجهات استمرت حتى بعد منتصف الليل، هب أكثر من 180 ألف مواطن لتشييع الشهيد السيد جواد هاشم في جزيرة سترة التي بصمت بدم عشرة من أبنائها بصمة حمراء عنوانها: لا تراجع ولا استسلام.

مساء الخميس، كان المسرح مشتعلاً بعد ساعات من إعلان استشهاد الشهيد السيد جواد، وتأكد خبر تعرض قوات المرتزقة لفتاة من قرية البلاد القديم بالتحرش الجنسي، اشتعلت المواجهات بعد بدء قوات المرتزقة بالقمع، كانت مجاميع شبابية، تهيأت للمواجهة عبر قطع الطرقات أمام سيارات المرتزقة، والمناورة والهتافات الصاخبة، ورمي زجاجات مملوءة بالأصباغ على سيارات المرتزقة. تأكيداً للسلمية يرمي الثوار البحرينيون زجاجات مملوءة بالألوان لا بالنيران، النيران تطلقها قوات الأمن فقط.
سقط عشرات الجرحى من الشباب، ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للمصابين من كل المناطق ومن مختلف الأعمار.

بإمكان أي مراقب أن يشهد التوتر في البحرين مساء الخميس، شهيد في سترة وجرحى ومواجهات، والشوارع العامة تم إغلاق عدد منها، واختناقات مرورية، لا حياة طبيعية في البحرين هذا ما يمكن لأي مراقب أن يلمسه، لكن ما زاد من غضب البحرنيين هو الموقف المخزي لاجتماعات وزراء الخارجية العرب الذين دعو للديمقراطية  في سوريا فقط التي يحق لأهلها الحرية والكرامة. تجاهل الوزراء العرب  ثورة اليمن، وأيدوا إجراءات القمع في البحرين، ودعموا النظام الحاكم بشرعية السلاح.

وكانت عائلة الشهيد الأربعين قد استلمت جثته من المشرحة بحضور المحامي السيد محسن العلوي الذي سجل تحفظاً مكتوباً على ورقة الاستلام بخصوص سبب الوفاة الذي أعلنته وزارة الصحة،  وهو مرض فقر الدم المنجلي (السكلر)، تحفظ سجله العلوي ليتم حفظ حق العائلة في القضية التي سترفعها ضد قوات المرتزقة التي أغرقت منزل الشهيد بالغازات الخانقة مما أدى لاستشهاده، وقد استطاع أهل الشهيد بعد معاناة  تسجيل بلاغ ضد الشرطة التي قتلت ابنها. قد تم توجيههم لأكثر من مركز شرطة، وفي النهاية سجلوا البلاغ في مركز أمن المحافظة الوسطى.

عند الثالثة والنصف من ظهر اليوم شارك أكثر من 180 ألف مواطن ومواطنة في تشييع الشهيد السيد جواد هاشم، ربما يكون هو الأضخم على الإطلاق. سار المشيعون بنعش الشهيد في أرجاء جزيرة الصمود تتقدمهم لافتة كبيرة حملت شعار (يسقط حمد) مرددين هتافات مدوية تنادي بسقوط الملك وتنحي رئيس وزرائه خليفة بن سلمان. وبدا الغضب متأججاً على وجوه المشيعين، فيما حمل جثمان الشهيد إلى مثواه الأخير وسط دعوات (يا منتقم).

وفي حين كانت مراسم الدفن على وشك الانتهاء، كانت سترة محاصرة بمختلف أنواع قوات المرتزقة التي اختبأت على مشارف الجزيرة، ويبدو أن الصيحات الغاضبة والشعارات المناهضة التي كانت تراقبها الهيليكوبتر على ارتفاع منخفض، قد أثارت ثائرة النظام، فعمد إلى إرسال دوريات أمنية للاعتداء على مؤخرة الموكب، ووسط هذا الاستفزاز تدافعت أمواج بشرية نحو الشارع العام (جسر سترة)، لتلاقي وبشكل مباغت أكثر من 20 سيارة أمنية، نزل منها عشرات المرتزقة ليمارسوا قمعاً مكثفاً في مواجهات مباشرة أطلقت فيها أنواع من الأعيرة النارية والقنابل الصوتية الغازات الخانقة المحرمة دولياً، إضافة إلى الرصاص الانشطاري، مما أدى لوقوع عشرات الإصابات والاختناقات بينها حالة حرجة على الأقل.

وزارة الداخلية أصدرت بيانا بثه تلفزيون البحرين يدعو المواطنين إلى عدم التوجه إلى الجسر المؤدي لجزيرة سترة بسبب ما أسمته وقوع أعمال شغب، في حين حوصرت مداخل سترة ووردت أنباء عن اعتقال بعض الداخلين إليها فيما بعد. وفيما أبدى المتظاهرون مقاومة للقوات خلال المصادمات التي جرى بعضها وجهاً لوجه، سارت كتائب من قوى القمع في بعض الأزقة الداخلية قبل أن يتمركزوا على المداخل من جديد، ناشرين غازاتهم القاتلة وسط البيوت، ومتسببين في حالة من الهيجان.
إلى ذلك، نقلت هذه التطورات وكالة أنباء الأسوشيتد بريس التي قالت إن هذه التوترات قد تتزايد مع قرب موعد الانتخابات التكميلية، مشيرة إلى ما جاء في خطبة الجمعة للزعيم الديني الشيخ عيسى قاسم هذا اليوم، حين قال إن الحكومة تتعامل مع المعارضين كأعداء للوطن.

أيام من الغليان المتصاعد تعيشها البحرين، وأيام قادمة ستفصح عن الكثير، مع إصرارالشعب على عدم الاستسلام لرصاص قوات درع الجزيرة ومرتزقة جيش المشير الفاشل  وقوات الحرس الوطني، البحرين تغلي، والملك لا يسأل نفسه ما إذا كانت ستنفجر؟
‫ ‬