مرآة البحرين (خاص): في أجواء مشحونة، اختتم البحرينيون اليوم احتفالاتهم بذكرى وفاة الإمام علي بن أبي طالب، رابع الخلفاء الراشدين، وأول أئمة الشيعة.
وفي حين درج المعزون على ربط المناسبة بالحديث عن السياسة في كل عام، يتسم إحياء الذكرى هذا العام بطابع مختلف، في أعقاب انتفاضة 14 فبراير وما أحدثته من مد ثوري متصاعد.
 
تغير المشهد كثيراً، هكذا يصفه بألم مشاركون في المناسبة "خراب حل في جميع المآتم، لا يكاد بعضها يعرف بعد هدم مرافقه، واجهاته، وأجزاء منه، إنه اعتداء لن يغيب عن الذاكرة" ويضيف "لقد زادوا تعلق الناس وإصرارهم على إقامة هذه الشعائر"
 
الخطباء يستشهدون بالأمم المتحدة
يتذكر مشارك آخر، الخطيب الشيخ محمد حبيب المقداد (المعتقل ضمن قضية 21)، ذا الحضور المميز في مثل هذه المناسبة، واصفاً خطبه بذات التأثير الشديد على ثقافة الشباب في جانبها السياسي، ومضيفا أن المقداد "مأخوذ بشخصية الإمام"
 
من جهة أخرى، يختم خطباء المنبر حديثهم هذا العام بدعاء مختلف "اللهم أعد المفصولين إلى أعمالهم" في إشارة إلى بلاء جديد استحدثته السلطة المستبدة، فاستحدث له دعاء إلى جانب الشهداء والجرحى والمرضى والمعتقلين والمغرّبين.
 
ومن اللافت تركيز الخطباء بشكل مقصود على الجوانب السياسية المتعلقة بحكم الإمام علي، مستشهدين بتكريمه من قبل الأمم المتحدة عام 2002، كنموذج للحكم الصالح.

ووصف الخطباء حكم علي بأنه قام على أسس من التعددية، وإشاعة العدالة، وتحقيق مصالح الناس، والاعتراف بالرأي المعارض، واحترام حقوق الإنسان. وأشار الخطباء إلى اتخاذ المنظمة كتاب علي إلى واليه على مصر أحد مصادر التشريع الدولي.
 
من جانبه قال أحد الخطباء، إن تقرير التنمية الإنسانية الصادر عن الأمم المتجدة أشار على الدول العربية منذ 9 سنوات أن تأخذ بهذه المبادئ والوصايا في برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، لأنها نابعة من تاريخها وبيئتها المتفق عليها بين المسلمين. ونقل عن التقرير وصفه هذه الدول بأنها لا تزال بعيدة عن عالم الديمقراطية، وبعيدة عن التطور وأساليب المعرفة.
 
قصائد آيات القرمزي في مواكب العزاء
أما مواكب العزاء فقد حملت هي الأخرى طابعا مختلفاً. أحد المنشدين (الرواديد) كان مستهل قصيدته شعار سياسي معروف رفع بعد هدم نصب اللؤلؤة: (يا ميدان الشهادة...كلنا عدنا إرادة)، فيما أنشد آخر إحدى قصائد الشاعرة آيات القرمزي، والتي ألقتها في الدوار، مركز الاحتجاجات السياسية.
 
وتعرضت مجموعة مجهولة لموكب عزاء قرية بني جمرة بالأحجار والزجاجات، محدثة بعض الإصابات، ونقل منصور الجمري أن بعضا من أهالي البديع وقفوا مع أهالي بني جمرة ضد من حاول الهجوم على الموكب، كما تدخلت الشرطة لتهدئة الأمور.
وجرت حوادث مشابهة في المحرق، اعتبرها المشاركون في المناسبة محاولة فاشلة لإثارة الفتنة الطائفية، وتعاملوا معها بحذر شديد.
 
دعاء عبد الهادي الخواجة
وجرت العادة في المآتم ومجالس القرآن على قراءة الأدعية الخاصة بشهر رمضان كل ليلة، لكن الحال أن فهم هذه الأدعية اختلف كثيراً هذا العام، وبدت إسقاطاتها مباشرة وواضحة كما كان يحث الناشط الحقوقي المعتقل عبد الهادي الخواجة قبل 7 سنوات في ندوة الفقر التي هاجم فيها على رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، إذ قال إنه حتما هو المقصود من الدعاء الذي يردد فيه المصلون (اللهم من كان في وفاته راحة لنا فأرحنا منه) داعياً إلى الجهر باسمه علانية.
 
ويتأمل قراء الدعاء في شهر رمضان كثيرا في مقطع من أحد الأدعية المعروفة ويرفعون صوتهم فيه بإلحاح "الحمد لله الذي يؤمن الخائفين، وينجي الصالحين، ويرفع المستضعفين، ويضع المستكبرين، ويهلك ملوكاً ويستخلف آخرين، والحمد لله قاصم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، نكال الظالمين" راجين أن يكون لذلك أثره القريب على واقعهم المتأزم.
 
في عزاء هذا العام، إلى جانب النجف، ومحراب الكوفة، حضر دوار اللؤلؤة، تاريخاً وثقافة.