«العلمائي»: قرار حلّنا سياسي بامتياز مبني على تهم كيدية مفضوحة ولسنا معنيين به

2014-01-29 - 12:27 م

مرآة البحرين (خاص): أكد "المجلس الإسلامي العلمائي" أن القرار الصادر اليوم بحلِّه وإغلاق مقره ومصادرة أمواله "يمثّل حكماً سياسياً بامتياز، ومبني على تهم كيدية مفضوحة، ويمثل محاصرة للعمل العلمائي وتدخلا في الشأن الديني واستهدافا طائفيا مقيتا".

وقال المجلس، في بيان، إن القرار "يضاف إلى أنواع الاستهداف الطائفي كافة التي تكررت وتتكرر منذ سنوات، وظلامة أخرى تضاف الى الظلامات العديدة التي تعرض لها هذا الشعب الصابر المؤمن"، مضيفا "نحن على إيمان تام بأنه لا غبار على مشروعية عمل "المجلس الإسلامي العلمائي"، وسيبقى الواقع العلمائي غير معنيّ بمثل هذا القرار الجائر، والذي يمثّل صفحة سوداء في تاريخ القضاء البحريني والسلطة السياسية في البحرين"، مشددا على أن "العمل العلمائي والديني كما أنّه لم ينطلق يوما ما بقرار رسمي، فإنّه لا يمكن أن يوقف في يوم من الأيام بقرار رسمي".

وإذ اعتبر أن "العمل العلمائي المؤسسي حقّ ثابت تقرّه كلّ القوانين والمواثيق وتفرضه المستجدات الحياتيّة، ولا يمكن محاصرته أو مصادرته"، قال المجلس: "سيبقى العلماء والوجود العلمائي جزءً لا يتجزّء من هذا الشعب الأبي، يعيش همومه وآلامه وتطلّعاته، ويدافع عن حقوقه، ويتحمّل مسؤوليّته الدينيّة والوطنيّة تجاهه بكلّ صدق وإخلاص".

وتابع "يتحرك العمل العلمائي انطلاقا من المسؤولية الشرعية التي فرضها الله سبحانه وتعالى على العلماء بأن يبلّغوا أحكام شريعته، ويبينوا معالم دينه، وأن يأخذوا بيد أبناء المجتمع على طريق الله سبحانه وتعالى، وأن يقولوا كلمة الحق ويقفوا معه، وهي مسؤولية لا يمكن التنازل عنها، ولا التساهل أو التسامح فيها، ولا التلاعب بها، ولا يجوز التقصير في أدائها".

وأردف "تاريخ البحرين والذي يمثل وجها مشرقا من وجوه التاريخ الاسلامي المجيد قد سجّل للعلماء دورا متميّزا منذ أن آمنت هذه البلاد برسالة الاسلام واعتنقت الدين الحنيف بكل وعي وبصيرة، فكان للبحرين تاريخها الساطع في المجال العلمي والديني حيث تأسست المدارس والحوزات العلمية التي تخرج منها الآلاف من العلماء والفقهاء والذين كان لهم شأن بارز في التاريخ الاسلامي وقام هؤلاء العلماء بدورهم الاسلامي الأصيل، وتحملوا مسؤوليتهم الشرعية في إرشاد الأمة وتوعيتها والسلوك بها الى الله سبحانه وتعالى، وصولا الى بناء المجتمع المسلم الملتزم بتعاليم الدين والقائم على هدى الشريعة".

ولفت إلى أن العلماء "كما كان لهم دورهم البارز في قول كلمة الحق والوقوف أمام مظاهر المنكر والباطل، والعمل على صلاح المجتمع ووقايته من كل ما يمثل فسادا أو انحرافا عن هدي الشريعة أو مصالح الأمّة، فلم يهادنوا حاكما ولم يسكتوا على كظة مظلوم، ملتزمين في كل ذلك جانب الإصلاح وقول كلمة الحق وتقديم النصيحة بالمعروف دون التنازل عن مبادئ الدين وأسس الشريعة ومصالح المجتمع".

وذكّر بان انطلاقة المجلس في البحرين جاءت في شهر رمضان 1425هـ أكتوبر/ تشرين الأول 2004 "لتمثل امتدادا طبيعيا للدور العلمائي في هذا البلد وتطورا مطلوبا في آلياته بما ينسجم مع متطلبات المجتمع ويتناسب مع الواقع الجديد، وكان وراء تأسيسه شعور علمائي بضرورة مثل هذه المؤسسة دينياً واجتماعياً، علمياً وعملياً"، فـ"كانت انطلاقة شرعية واضحة متوافقة مع الأسس الدستورية والاعراف القانونية القائمة التي تحمي الواقع الديني وتكفل الحريات الدينية وتضمن ممارسة الشؤون الدينية وفق الآراء والمباني المذهبية المختلفة".

وأضاف المجلس "اعتمدت هذه الانطلاقة أهدافا إسلامية ووطنية واضحة وجلية لم يكن فيها أي لبس أو غموض، ولم تحمل أيّ نوع من أنواع الانغلاق المذهبي، بل جاءت منسجمة مع التنوع المذهبي في هذا البلد والتآلف والتعايش بين أبنائه"، موضحا "هكذا كانت حركة "المجلس الإسلامي العلمائي" في مساحاته المختلفة تعتمد استراتيجية الدفع باتجاه الانسجام الوطني والوحدة الاسلامية، والوقوف بقوة أمام كل محاولات إشعال الفتنة الطائفية، والترحيب بكل الخطوات التي من شأنها خلق التقارب بين أبناء الأمة والوطن، والسعى لها عمليا".

وبحسب المجلس، فقد "مثّلت مبادئ الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة وتبليغ الرسالة الإلهيّة، والوقوف مع الحقّ والعدل، مثلت خطوطاً عريضة لحركة المجلس، كما كان دائماً يؤكّد على الالتزام بالسلمية كإطار للمطالبات السياسية، وأنه المنهج الأصلح للتعاطي مع مختلف قضايا المجتمع، وضرورة الحفاظ على مصالح الوطن ورفض الممارسات المضرّة بذلك، وأكد في جميع بياناته ومواقفه وخطب رموزه على هذه المبادئ الأساسية، والتزم بها عملياً، ودعى كافة العاملين في الحقل السياسي إلى الالتزام بها".

وأشار إلى أنه "كان المترقب من السلطة السياسية أن ترحب بهذا الوجود العلمائي المخلص الذي فتح قلبه ومدّ يده للتعاون مع كافة المواقع والمؤسسات بما يخدم المجتمع، وأن تفتح له المجال لأداء دوره وممارسة نشاطه، بما ينسجم مع شعارات الانفتاح والاصلاح التي طالما رفعتها ونادت بها، لا أن تضايقه وتحاصره وتسعى لتصفيته".

وقال: "لكن - ومع الأسف - جاء الموقف الرسمي مستعجلا وغير مدروس ليواجه هذا المشروع العلمائي المبارك ومنذ انطلاقته، وليفترض فيه أسوأ النيات وليصفه بما لا يتلاءم مع منهجيّته إطلاقا"، مؤكدا أن "الموقف الأخير بملاحقة المجلس قضائياً يأتي بغرض إغلاقه وأنهاء وجوده استمرارا للموقف الإنفعالي والظالم تجاه المجلس، ويمثّل إجراءاً عدوانياً وكيدياً غير منسجم مع الدستور والقانون ومع الحريات المكفولة، وغير متوافق أبدا مع ما يطرح من شعارات الحوار الجدّي ومحاولات الحل الواقعي للأزمة السياسيّة في البلد".

وأردف "كان واضحا - مما كشف عنه تقرير البندر - وجود المخططات المرسومة لمواجهة الطائفة والعمل على تكبيلها وتقييدها، وتقييد العمل العلمائي وبالخصوص دور "المجلس الاسلامي العلمائي"، والتي بينت الوقائع على الأرض صحة ما ورد فيه من معلومات، وأنه يتم تنفيذها بمنهجيّة ومرحليّة مدروسة"، مستدلا بأن "الحملة الرسمية ضد المجلس الاسلامي العلمائي تأتي في سياق منهجيّة مرسومة منذ سنوات، ويتم العمل على تطبيقها عبر مراحل متدرّجة".

وأضاف المجلس "حتّى جاءت ثورة 14 فبراير/شباط2011 المجيدة وما كان من مواقف "المجلس المساندة لمطالب الشعب العادلة بضرورة الاصلاح الجاد، والتغيير السياسي الجوهري، والتي كان لها دور مؤثر في دعم الحراك الشعبي السلمي، فكان جليا أن السلطة وفي ضوء تعنّتها برفض الإستجابة لمطالب الشعب، سوف تسعى لضرب جميع مواقع القوّة الداعمة للحراك الشعبي، ويأتي في مقدّمتها الوجود العلمائي، فكان هذا سببا في نظر السلطة للانتقام من المجلس وملاحقته قضائيا والسعي لإنهاء وجوده".

وشدد "المجلس الإسلامي العلمائي" على أن "الحكومة لم تستطع بكل ما تملك أن تتوفر على أدلة يمكن أن تحاكم بها المجلس إلا مجموعة من الاكاذيب والترهات والاتهامات الكيدية المفضوحة"، قائلاً: "كان واضحا لكل مطلع على الأمور أن السلطة قد أعدت هذا الحكم القضائي، وما ملف الدعوى القضائية إلا غطاءاً لقرار سياسي أعد مسبقا ويراد تمريره قضائيا".


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus