من واشنطن إلى البحرين في 2013: ماذا حمل الوفد الأمريكي برئاسة وزير الدفاع إلى المنامة، ولماذا لم يستقبله المشير؟

2014-01-18 - 6:32 م

"سوف ننخرط في المنطقة على الأمد الطويل. ذلك أن العمل الشاق من أجل نشوء الحرية والديمقراطية هو مهمة جيل بأكمله. وهذا يشمل المساعي الرامية إلى تسوية التوترات الطائفية التي تواصل الظهور في أماكن مثل العراق والبحرين وسوريا"

الرئيس الأمريكي باراك أوباما، 24 سبتمبر/أيلول 2013

 

مرآة البحرين (حصاد الساحات): في أحد مقالاته، يرى الضابط السابق في المخابرات المركزية الأميركية إميل نخلة أن "واشنطن، وليس لندن، ستكون النّافدة الخارجيّة التي قد تُساعد الشّعب البحريني للاحتفال بربيع البحرين".

رغم كثرة الانتقادات الموجّهة ضد الولايات المتحدة الأمريكية التي تتهم بازدواجية المعايير في مواقفها السياسية تجاه البحرين، الحليف الاستراتيجي المهم في الخليج، ورغم المطالبَة بمواقف أشدّ حزْماً تجاه النظام "المتمادي"، فإن الموقف الأمريكي يعدّ الأبرز بلا شك بين مواقف الغرب الضاغطة على النظام والداعمة للتحول السياسي في الدولة الخليجية الوحيدة التي طالها مد "الربيع العربي". 

ثمّة مأزق سياسي دولي لم يعرف النظام الخروج منه حتى الآن، يقف خلفه اضطراب شديد في علاقاته بالقوة العظمى للمرة الأولى على مدى التاريخ الحديث.

وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل كان أول مسئول أمريكي رفيع يزور البحرين، منذ تفجر الثورة في 14 فبراير/شباط 2011. زار هيغل البحرين في ديسمبر/كانون الأول 2013، لحضور منتدى "حوار المنامة"، لكن القائد العام لقوة دفاع البحرين المشير خليفة بن أحمد آل خليفة لم يكن في مقدمة مستقبليه!

جاء هيغل على رأس وفد أمريكي رفيع، بعد أيام من توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى، وبداية التبدل في المعادلات السياسية الدولية، ورغم أن تصريحات هيغل كانت لبعث شيئ من الطمأنينة في دول الخليج، إلا أن التسريبات قالت إن الوفد الأمريكي الأكبر في البحرين كانت له رسالة أخرى للنظام: لقد بدأ الوقت ينفد! 

لم يلتق المشير بـ"هيغل"، ولم يحضر المنتدى السياسي الأمني الأبرز في البحرين، في أحد أهم المؤشرات على تحدي النظام الموقف الأمريكي تجاه الصراع السياسي في البلاد. 

لكنّ ذلك لم يمنع شيئاّ من "التذلل" لأمريكا، على لسان الملك الذي اعتبر تقرير الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان في البحرين مجرّد "اختلافٍ في وجهات النّظر بين الأصدقاء"، واصفاً الولايات المتحدة بأنها "حليفه الأكبر"!

كما أن وزير الخارجية البحريني قصد الدّوحة للالتقاء بنظيره الأمريكي جون كيري، الذي زار الخليج كله باستثناء المنامة! وبعد خطاب أوباما المثير في الأمم المتحدة، غيّرت المنامة سفيرها في واشنطن ليحل عسكري من العائلة الحاكمة محل السفيرة السابقة "هدى نونو"، التي يبدو أن النظام اعتبرها عديمة الفائدة!

شيء من الكذب

لم يفد أيضا إرسال ولي العهد إلى "واشنطن"، لأنّ الكلام ذاته يتكرر على مسامعه من كل المسئولين الأمريكيين. كانت الحيلة حينئذ شيء من الكذب، وكان الكاذب هذه المرة وزير حقوق الإنسان البحريني صلاح علي، الذي زعم أن سفيرة الولايات المتحدة في جنيف إيلين تشامبرلين رفضت "التصريحات المجحفة التي أدلت بها المفوضة السامية نافي بيلاي بشأن حالة حقوق الإنسان في البحرين" وأنها أبدت استياءها من كثرة الحراك غير السلمي في البلاد!

لكن السفيرة تشامبرلين عجّلت على هذه الكذبة ببيان فاضح زاد الطين بلة، وبالإضافة إلى تكذيب هذه التصريحات حمل البيان مزيدا من الانتقاد والهجوم على النظام فضلا عن التذكير بأن الولايات المتحدة كانت من بين الموقعين على بيان دول 47 بمجلس حقوق الإنسان والذي أدان النظام البحريني لاستمراره في القمع وعدم تنفيذه التوصيات الدولية وتوصيات لجنة تقصي الحقائق. 

حفلة

المسئولون الأمريكيون الذين صرّحوا عن البحرين في 2013: سرا وعلانية!

على أرفع المستويات، وبدءا من الرئيس باراك أوباما، تناول المسئولون الأمريكيون قضية البحرين في 2013 عشرات المرات، بالتصريح للإعلام وفي المؤتمرات الصحفية وعبر البيانات والرسائل والخطابات وغيرها، وقالت الإدارة الأمريكية إنها تمارس ضغوطها السياسية على النظام "سرا وعلانية"!

وفضلا عن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، برزت تصريحات العديد من الوزراء في الإدارة الأمريكية مثل وزير الخارجية جون كيري، وزير الدّفاع تشاك هيغل، وزير العمل بالوكالة سيث هاريس، وزير التجارة دميتريوس مرانتيس، ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس.

وفي المستوى الثاني من المسئولين، كانت هناك تصريحات لنائب وزير الخارجية الأمريكي وليام بيرنز، مساعد وزير الخارجيّة لشؤون الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان والعمل توماس مالينوفسكي، مساعدة نائب وزير الخارجية باربارا ليف، السفير الأمريكي في المنامة توماس كاراجيسكي، السفيرة الأمريكية في جنيف إيلين تشامبرلين، وعدد من المتحدّثين باسم الخارجية الأمريكية مثل فيكتوريا نولاند، جين بساكي، جوش بيكر، وماري هارف.

ودخل على الخط أيضا أكثر من 20 عضوا في الكونغرس الأمريكي مثل جون ماكغفرن، جيم ماكديرموت، هانك جونسون، السيناتور رون وايدن وغيرهم.

تقرير الخارجية الأمريكية يستفز الملك 

في تقريرها عن أوضاع حقوق الإنسان في العالم الذي صدر في أبريل/نيسان 2013؛ حذّرت الولايات المتّحدة الأميركية من أنّ أنظمة قمعيّةً، من بينها البحرين، "تُهدّد بسحق الآمال في إرساء الدّيمقراطيّة التي تولّدت من الرّبيع العربي". 

وانتقدت أمريكا "أنظمة قمعيّة قامت في شكلٍ منهجي بقمع تطوّر المجتمعات المدنيّة والمؤسّسات الدّيموقراطيّة"، وتوقّفت عند سوريا واليمن والبحرين والعراق إضافة إلى مصر وليبيا.

التّقريرُ اسْتدعى تعليقاً رسميا من وزارة الخارجيّة البحرينيّة التي قالت إنّه "عديم الاعتبار" و"يفتقر إلى الموضوعيّة والحياديّة". 

وبلغت ردود الأفعال الرسمية على التقرير أن يوجّه ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة هجوما مباشرا على الولايات المتحدة في لقاء صحافي، وقال الملك إن أمريكا نفسها بحاجةٍ إلى إصلاحاتٍ في كيفية التعامل مع المسلمين، وغيرهم من الأقليات. 

وبعد مشاركتها في حفل استقبال في السّفارة الأميركية بمناسبة ذكرى الاستقلال، نفت وزيرة الدولة لشئون الإعلام سميرة رجب، في حديثٍ لصحيفة "الشّرق الأوسط" السّعودية، وجود ما يُعكّر صفو العلاقات بين البلدين، مؤكّدةً أنّها "لم تتأثر بتقرير وزارة الخارجية الأميركيّة حول حقوق الإنسان".

الإدارة الأمريكية: الشيعة يواجهون تمييزا رسميا في البحرين

كلام الملك لم يمنع صدور المزيد من التقارير المحرجة من الإدارة الأمريكية، إذ أكّد تقرير آخر وجود تمييز رسميّ ضدّ الشّيعة في البحرين، وجاء في تقرير الخارجية الأمريكية عن الحرية الدينية الذي صدر في مايو/أيار 2013 أنّ المجتمع الشّيعي في البحرين "يُواجِه تمييزاً رسميّاً، بالإضافة إلى الاحتجاز، والاستخدام المفرط للقوة، والتّعذيب".

كما تحدّث تقرير صادر عن الهيئة الأمريكية للحرية الدينية عن هدم 30 - 35 من مساجد المسلمين الشّيعة، وعن الفصل التّعسفي لآلاف العمّال والطلاب في ظلّ غياب المساءلة من قبل السّلطات البحرينيّة، وهو ما أدّى إلى "ثقافة الإفلات من العقاب".

هجوم منظّم على السفير الأميركي في 2013

لقاءات السّفير الأميركي في البحرين، توماس كراجيسكي، بقوى المعارضة ومواقفه المختلفة شكّلت استفزازاً كبيرا للسّلطات في البحرين، الأمر الذي استدعى هجوما منظّما عليه، في سابقة من نوعها على مر تاريخ العلاقات البحرينية/الأمريكية.  

في مقالٍ له، كتب الضابط السابق في المخابرات المركزية الأميركية إميل نخلة عن التّمييز في التّعاطي بين السفيرين الأميركي والبريطاني في البحرين، وقال إنّ "إهانة الدّبلوماسيين الأميركيين بالإضافة إلى سفيرنا، سواء أكانت الإهانة مباشرة أو من خلال بلطجية مدعومة من قبل عناصر من آل خليفة؛ لن تجعل الملك في وسْعه أن يحظى بصداقة في واشنطن". 

ولم يلتق الملك بكراجيسكي سوى مرة واحدة طوال العام الماضي، وخرجت تسريبات عن رفضه طلب السفير لقاءه أكثر من مرة. 

وكان البرلمان البحريني الموالي للنظام قد اتهم السفير الأمريكي بنقل معلومات غير دقيقة إلى حكومة بلاده وتشويه صورة البحرين، وهندسة افتعال الفتن فيها، مطالبين الحكومة برفض تدخلات السفير والاحتجاج على ممارساته.

بدورها خرجت المتحدّث الرّسمي باسم الحكومة، سميرة رجب، لتُعلن موافقة الحكومة على الاقتراح المُقدّم من مجلس النّواب بشأن وقف تدخّلات السّفير الأميركي في الشّأن المحلي ووقف لقاءاته المتكررة مع "مثيري الفتنة في البحرين" حسب تعبيرها، إلا أنّها سرعان ما تراجعت عن هذا التصريح بعدما امتنعت الصّحفُ الرّسميّة عن نشره أيضاً.

وتعقيباً على سؤال برلماني بشأن إجراءاتها حيال وقْف لقاءاته المُتكرّرة مع "مُثيري الفتنة"؛ قالت الحكومة البحرينيّة إنّها تتابع مجريات "تدخلات" السفير الأميركي في الشأن المحلي. 

وفي موقفٍ بالغ الخطورة؛ توعّد العقيدُ الأمني السّابق والمعروف بسجلّه في تعذيب السجناء السياسيين، عادل فليفل، توعّد السّفيرَ الأميركي في المنامة بتطبيق "الواجب الديني" في حال استمرّ ما اعتبره "أذىً للمسلمين"، مستشهداَ بآيات قرآنية في هذا السياق. 

ونقلت الصّحف الرّسميّة رسالة قالت إنها موقّعة من حملةٍ شعبيّة تُطالب الرّئيس الأميركي، باراك أوباما، بتغيير سفير بلاده في البحرين، توماس كراجيسكي، متّهمةً إيّاه بتزويد الإدارة الأميركيّة بمعلوماتٍ جعلتها مُنحازة للجماعات المعارضة.

ورغم توقيع رئيس تجمّع الوحدة الوطنية، عبداللّطيف المحمود، على العريضة؛ لكنه استقبل كراجيسكي في مجلسه الرّمضاني وأجلسه إلى جانبه!

سفارة

محاولة منع المعارضة التقاء الدبلوماسيين الأمريكيين

عبّرت وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها إزاء الإجراء الذي اتّخذته السّلطاتُ البحرينيّة بعدم السّماح لعقد لقاءات بين دبلوماسيين أجانب وجماعات سياسيّة "نحن نتوقّع من حكومة البحرين احترام مصالحنا المشتركة في مجال الاتصالات الدّبلوماسيّة المفتوحة والحرّة مع جميع عناصر مجتمعات البلد المضيف".

مدير "برنامج الخليج وسياسة الطاقة" في "معهد واشنطن" سايمون هندرسون رجّح أن يكون رئيس الوزراء خليفة بن سلمان هو منْ وراء إقرار هذه القيود، ووصف هندرسون القرار بأنه مجازفة بحرينيّة من شأنها "إثارة غضب واشنطن".

وأكدت مساعدة نائب وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الجزيرة العربية، باربارا ليف، أنّ عدداً من الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة البحرينيّة، ومن بينها تقييد لقاء المعارضة بالدبلوماسيين، وملاحقة عدد من قياديي جمعية "الوفاق"؛ تسبّبت في عرقلة الحوار الوطني. 

السلطات البحرينية تطرد أمريكية وتسجن آخر

المضايقات البحرينية لم تقتصر على السفير الأميركي، فمع بداية شهر ديسمبر/كانون الأول أعلنت الخارجية الأميركية أن مُمثّلةً عن السّفارة الأميركية أُرْغمت على مُغادرة القاعة التي كانت تشهد محاكمة الناشط الحقوقي نبيل رجب. وطالبت المتحدّثة باسم الخارجيّة، ماري هارف بـ"توضيحاتٍ من الحكومة البحرينيّة بشأن الأسباب التي لم يُسمح لها بموجبها بمتابعة المحاكمة".

وقبل ذلك؛ عمدت السّلطاتُ البحرينيّة إلى إبعاد الباحثة والمدرّسة الأميركية إيرين كيلبريج، بعدما اتّهمتها بالتّواصل مع "حزب الله" اللّبناني، ومُراسَلة صحفٍ ومواقع إلكترونية دون رخصة صحفيّة، وذلك بعد ضبط صورة لعلم الحزب في شقّتها مع "أدوات أخرى" حسب زعمها.

وبعد قضية كيلبريج؛ أثارت وكالات الأنباء الدولية أزمةَ المعتقل الأميركي تقي الميدان (25 عاماً)، وهو من أصولٍ بحرينيّة سعوديّة جرى اعتقاله رغم عدم مشاركته في الاحتجاجات، واعتبرت وكالة أنباء رويترز إن هذه القضية تسلط الضوء على العلاقة المعقدة بين واشنطن والمنامة.

السفارة الأمريكية في المنامة: تنبيهات، تحذيرات، وإدانات

تنبيهات وتحذيرات السفارة توالت خلال العام 2013، وحتى شهر سبتمبر/أيلول كان عددها تجاوز 50 تنبيهاً، إلاّ أن ذلك لم يخل من تأكيد الخارجيّة الأميركيّة، مراراً، على دعمها لحقّ البحرينيين في التّجمّع السّلمي وحرّية التّعبير.

وأدانَ السفير الأمريكي في المنامة توماس كراجيسكي في أكثر من بيان "كلّ أعمال العنف المُدمّرة في البحرين، بما في ذلك الهجمات على الشّرطة والعنف ضدّ المتظاهرين، وذلك لأنها تقوّض الجهود الرّامية إلى إعادة بناء الثّقة وتحقيق مصالحة ذات مغزى"، قائلاً "إنّنا نواصل بصورةٍ وثيقةٍ متابعة تقارير عن أعمال عنف".

وتعليقا على زعم الدّاخليّة البحرينيّة مقتل شرطيّ في منطقة سترة؛ يوليو/تموز، دانت السّفارة الأميركية الحادث، ورأت أنّ الهجمات على الشرطة "أعمال غير مقبولة".

وعشية 14 أغسطس/ آب، حذرت أميركا رعاياها في البحرين من اليوم الذي حدده البحرينيون لـ"التمرد". ثم خرجت بياناتٌ للسّفارة، وأخرى عن مسؤولين في القاعدة العسكرية الأميركية؛ حثّت الأميركيين على تجنّب التّجوّل في البلاد، إلا عند الضرورة. 

الإدارة الأمريكية: الضغط من أرفع المسئولين 

حثّ الرّئيس الأميركي باراك أوباما خلال لقائه ولي العهد البحريني، سلمان بن حمد آل خليفة، حثّ البحرينَ على "إصلاحٍ ذي مغزى واحترام الحقوق العالمية"، مؤكّداً أنّ ذلك "هو السبيل الأفضل لتحقيق السلام والأمن لجميع المواطنين البحرينيين".

وفي لقائه بوزير الخارجيّة، خالد بن أحمد آل خليفة، أثناء زيارة إلى قطر في مارس/آذار، قال وزير الخارجيّة الأميركي جون كيري بأنّه أبدى "اهتماماً بحقوق الإنسان في البحرين"، مضيفاً بأنّه شجّع نظيره "على مواصلة الحوار للوصول إلى قرار، وأكد لي أنّهم مستمرون في الحوار بنيّةٍ حسنة".

وفي نهاية أبريل/نيسان 2013؛ استقبل وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، نظيره البحريني بعيداً عن الإعلام، واستمع منه إلى الأحداث التي تشهدها بلاده، وكان ملف "حقوق الانسان محور جزء من محادثاتهما".

ودعا وزير الدّفاع الأميركي، تشاك هيغل، إلى احترام حقوق جميع المواطنين قائلاً بأنه السّبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في البحرين، وذلك خلال لقائه بولي العهد البحريني في واشنطن، يونيو/حزيران 2013.

مستشارة الأمن القومي، سوزان رايس، طالبت حكومة البحرين أيضاً برفع قيودها على قيادات المعارضة البحرينيّة، مؤكّدةً أنّ بلادها قامت بخطواتٍ ملموسة لدعم المصالحة الوطنيّة في البحرين، ومنْع العنف، ومنها وقف مساعدات عسكرية للحكومة.

في الاتجاه نفسه؛ وصفَ نائب وزير الخارجية الأمريكي، وليام بيرنز، ما قامت به الحكومة البحرينية تجاه توصيات تقرير بسيوني بـ"الخطوات الأولية"، مؤكدا أن الاستقرار طويل المدى لا يمكن أن يتحقّق "إلا من خلال إشراك المواطنين، والاستماع إليهم، ومعالجة شواغلهم والنّظر إلى تطلّعاتهم، ومنحهم نصيباً حقيقياً من العائدات".

وفي أعقاب استشهاد "يوسف النشمي" عبرت نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكي باربارا ليف، عن خيبة أمل بلادها من تآكل فرص الحوار في البحرين، مشيرةً إلى أنّ الولايات المتحدة تعمل لوحدها من دون السّعودية لحثّ البحرين على الوفاء بالتزاماتها لحماية حرّية التّجمع، وتكوين الجمعيّات، وحرية التعبير.

وفي زيارته للمنامة، شدّد موفدُ الحكومة الأميركية إلى منظمة التعاون الإسلامي، رشاد حسين على ضرورة دفْع الوحدة والإصلاحات و"نبذ العنف" و"ضمان حقوق الإنسان".

رموز 6

متحدّثون باسم الخارجية الأمريكية: خيبة أمل!

وقد أسفت المتحدّثة باسم وزارة الخارجيّة الأمريكيّة، فيكتوريا نولاند، لصدور أحكام قاسية ضدّ زعماء المعارضة المعتقلين، وقالت نولاند "لقد عبّرنا مراراً عن قلقنا إزاء هذه القضايا، سواء سرّاً أو علانية، وعلى أعلى المستويات، وقمنا بحثّ حكومة البحرين على الالتزام بتعهّداتها الدّوليّة".

ورأت نولاند أن من شأن الأحكام أن تفسد أجواء "المصالحة في البحرين"، داعيةً حكومة البحرين إلى فحْص كلّ تقارير "التّعذيب، بما في ذلك تلك التي أدلى بها المتّهمون في هذه القضية، مثلما وعدت، وأن تُحاسِب كلّ منْ تثبُت مسؤوليته".

بدورها، دعت المتحدّثة باسم الخارجيّة الأميركيّة، جين بساكي، دعت البحرين إلى احترام حرّية التّعبير والتّجمع، وتعليقاً على رفض المحكمة البحرينيّة الإفراج عن رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، نبيل رجب، قالت "نحن ما زلنا قلقين بشدة من عقوبة السجن 3 سنوات لمنْ يقود تجمّعات غير قانونيّة، ونحثّ حكومة البحرين على احترام الحقوق العالميّة بحرّية التّعبير والتّجمع".

وفي تغريدة على "تويتر"؛ أكّد المتحّدث الرّسمي الإقليمي لوزارة الخارجيّة الأميركية جوش بيكر أنّ "الإصلاح هو المسار الوحيد للاستقرار الدّائم في البحرين، وعلى الجانبين التوصّل إلى تسويةٍ من أجل صياغة مستقبل عادلٍ لجميع البحرينيين".

وعقب استئناف جلسات الحوار في البحرين؛ خرجت المتحدّثة باسم الخارجيّة فيكتوريا نولاند لترحّب بالخطوة داعيةً الأطراف البحرينيّة للعمل "بصورةٍ بنّاءة في محاولةٍ لإنتاج وسيلة تستجيب للتطلّعات المشروعة لجميع البحرينيين".

وعقب اعتقال المساعد السياسي لأمين عام جمعية "الوفاق" الوطني المعارضة، خليل المرزوق، أكّدت المتحدّثة باسم الخارجية الأمريكية ماري هارف أن بلادها ستناقش "الأمر مع السّلطات البحرينيّة"، في وقتٍ عبّرت فيه عن "خيبة أملها" بسبب تعليق المعارضة مشاركتها في الحوار، رافضة تحميلها وحدها المسؤولية في ذلك.

وزارتا التجارة والعمل في أمريكا

وقد أثار وفدٌ من وزارة العمل الأميركية 12 ملاحظة ضد حكومة البحرين تتضمن انتهاكات عمالية، وذلك خلال زيارةٍ قامَ بها إلى البلاد، وقالت وزارة العمل الأميركية في تقرير إن البحرين "انتهكت فيما يبدو الالتزامات التي قدّمتها للولايات المتّحدة بشأن حماية حقوق العمّال" مؤكّدة تدهور حقوق العمال في البحرين. 

فيما كتب وزيرا التجارة الخارجية والعمل الأمريكيان؛ رسالةً لنظيريهما البحرينيين حول التّمييز واستهداف العمّال، وقالا فيها إن حكومة البحرين "لم تُصحّح الثغرات في تشريعاتها حول حرّية التّنظيم، ولم تمنع أرباب العمل من استغلال هذه الثغرات في التعرّض لمنظمي الإضراب العام في مارس 2011".

وأعقب الرسالة بيانٌ لوزارة التّجارة الخارجيّة تحدّثت فيه عن "هجماتٍ محدّدة وواضحة" ضدّ النّقابيين، وحصول تمييز في مكان العمل يقوم على "الانتماء الديني أو القناعات السياسية" منذ اندلاع حركة الاحتجاج في 2011.

رسالة الوزيرين الأميركيين دفعت اتّحاد العمل الأميركي لاتّهام حكومة البحرين علنا بتفكيك الحركة العمّاليّة. 

الكونغرس على خط المواجهة

مجلس الشيوخ الأمريكي (الكونغرس) كان مصدر اهتمام كبير بقضية البحرين طوال العام 2013، وقد صدرت من بعض أعضاء المجلس مواقف مهمة إزاء الصراع الدائر في البلاد.

وعقد عضو الكونغرس جون ماكغفرن، بالاشتراك مع ناشطين أمريكيين، في نوفمبر/تشرين الثاني، جلسة عرض في أحد مباني الكونغرس الأميركي تحت عنوان"طريق جديد للنظر إلى العلاقات الأميركية البحرينية".

وفي إطار مطالبة ماكغفرن الإدارة الأميركية بالعمل على الإفراج عن رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب، قال إن "رجب ليس وحده، هناك العشرات في السجون في البحرين لأنّهم دعوا إلى إصلاحاتٍ ذات مغزى".

في حين عقد الكونغرس الأمريكي في 19 نوفمبر/تشرين الثاني جلسة استماع لتقييم الوضع البحريني واليمني أمام لجنة من أعضاء الكونغرس، مثّلت فيها الإدارة الأمريكية نائبة مساعد وزير الخارجية باربارا ليف. 

عضو الكونغرس جيم ماكديرموت قال في حديث لقناة بي بي سي "حينما تفقد الحياد الطبي، كما فعلت البحرين، فإنّ المجتمع يفقدُ أخلاقه الرّفيعة. إنّه دليلٌ على أن المجتمع مريض جدا" مضيفا "هذا كان هو الخط الأحمر بالنسبة إليّ. هذه الأنباء جعلتني أقف مشدوها".

وقد وقّع 20 عضوا بالكونجرس الأميركي على خطابٍ وُجّه لملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، اعتبروا فيه تأجيل زيارة المُقرّر الأممي الخاص بالتّعذيب، خوان مانديز، تتعارض مع التزامات البحرين الدّوليّة، وأمرا مخيّبا للآمال، وطالبوه بالتّراجع عن قراره بمنع مانديز ومراقبين دوليين آخرين من زيارة البحرين.

كما تبنّت اللّجنة المعنيّة بالدّفاع عن حقوق الإنسان في الكونجرس الأميركي؛ الإفراج عن نقيب المعلمين البحرينيين مهدي أبو ديب، ورأى النائب هانك جونسون أن قضية "أبو ديب" دليل واضح على الحملة القاسية التي تشنّها الحكومةُ البحرينيّة ضدّ المظاهرات السّلميّة.

غازات

أمريكا مستمرة في وقف تصدير السلاح للبحرين

وفي العام 2013 استمر الجدل الدائر حول إنفاذ بعض صفقات الأسلحة الأمريكية إلى البحرين، في ما وصفه مراقبون بأنه تناقض مع مواقفها السياسية من الصراع الدائر في البلاد.

مساعد وزير الخارجيّة الأميركي لشؤون الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان والعمل توماس مالينوفسكي أوضح أنّ حكومة الولايات المتحدة وبسبب مخاوفها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان تواصل "حجب تصدير المواد التي تُستخدم في مكافحة الشّغب ولأغراض الأمن الداخلي" إلى البحرين. 

ونفى مالينوفسكي أن تكون سياسة بلاده تدعم نقل المعدات أو التدريب لقوات الأمن البحرينية التي "يمكن استخدامها بشكل غير لائق ضد المتظاهرين السلميين في البلاد". مؤكدا على أن المساعدات الأمنية الأميركية الأخرى إلى البحرين "لا تؤدي الى انتهاكات حقوق الإنسان".

وقال مالينوفسكي الذي كان يجيب على سؤال موجّه من الكونغرس الأمريكي عن البحرين "سوف نلتزم بالعمل مع الكونغرس لضمان استخدام مساعداتنا لدعم سياسات أوسع نطاقا تهدف إلى تحسين السلوك وإلى إخضاع الحكومات للمساءلة عن أفعالها".

قلق أمريكي "من" جناح الخوالد.... و"على" ولي العهد

 في "ذا وول ستريت جيرنال" قال الكاتب تشارلز ليفينسون إن المسؤولين الأميركيين يعتبرون أنّ "البحرين لا تزال حليفاً قويّاً كما الملك. غير أنّهم يعترفون بأنّ هناك عناصر أكثر تحفّظاً داخل العائلة المالكة المتوجّسة من دوافع واشنطن في الجزيرة. ويقول هؤلاء إن منصب ولي العهد الحالي، ابن الملك ووارث العرش، مُهدّد من المتشدّدين (الخوالد)، إلاّ أنّهم لا يؤمنون بوجود احتمالٍ وشيك لحدوث تغيير في السّلالة السّياديّة داخل العائلة الحاكمة".

وكشفَ الكاتبُ الاميركي أنّ اعتقادا يسود في بلاده بأنّ الخوالد "قد خفّفوا من نفوذ ولي العهد المعتدل والموالي للولايات المتّحدة ووريث العرش".

وقد تحدّثت صحيفة "الإندبندنت" عن قلق غربي جرّاء "إحكام جناح متشدّد من السنة قبضتهم على الحكم في البحرين" وقالت إن "هذا الجناح المُتشدّد يرتبط بعلاقاتٍ مع السّعوديّة، ويعترض على أيّ تنازلٍ يمكن أن يحلّ الأزمة في المملكة"، مشيرةً إلى أنّ نفوذ "جناح الخوالد" في العائلة المالكة يُثيرُ مخاوف حلفاء البحرين التّقليديين في واشنطن ولندن من استحواذ مُعادين لهما على الحكم".

والتّباعدُ بين جناح الخوالد والإدارة الأميركيّة تناولته ملاحظات جان فرانسوا سيزنيك، الأستاذ في جامعة "جورج تاون" الأمريكية، الذي كتب معلّقا على قرار تعيين ولي العهد في منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، أن "الولايات المتّحدة أخيراً قد وجدت منفذاً للسّيطرة، وإحكام النّفوذ على المتطرّفين من العائلة المالكة بالبحرين"، وقال إن "هذه الجماعة لعبت على الوتر الطائفي، ونجحت في تقسيم البلاد بحيث جعلت غالبية المواطنين مشتبهاً بتبعيّتهم إلى إيران".

وعشية الذكرى الثّانية للثّورة ؛ كتبَ الخبير الأميركي إميل نخلة أنّه إذا اقتضت المصلحة الأميركيّة حفظ النّظام في البحرين؛ فعلى الأميركيين إقناع الملك حمد بإجراء إصلاحاتٍ تُلبّي طموحات الشّعب، ويكون على رأسها إقالة خليفة بن سلمان وتعيين ولي العهد بدلا منه بشكل مؤقت، حسبما اقترح.

وعقب زيارةٍ قامَ بها وليّ العهد البحريني للولايات المتّحدة؛ قال نخلة إنّه "لو كانت لدى الأمير سلمان خطّة محدّدة لإصلاح حقيقي في زيارته الأخيرة إلى واشنطن؛ لكان صانعو القرار في أميركا أكثر استعدادًا لدعم آل خليفة"، مشيراً إلى أنّ التّجربة القطريّة في نقل الحكم يجب أن تتكرّر في البحرين.

وخلال جلسة عرْضٍ للمستجّدات في الكونغرس قال نخلة نفسه إن "جناح الخوالد من الأسرة الحاكمة هو الذي يمتلك خطوط القوّة، ويقوم حالياً برسم خطّة للتّحالف مع البريطانيين ضدّ الأميركيين، وهي خطة ساذجة ولن تفيد إلا في تهديد دبلوماسيينا هناك، وأعتقد أنّ على حكومتنا أن تأخذ هذا الموضوع بشكلٍ جاد".

وخلال جلسة استماع في الكونجرس الأميركي في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني قالت نائبة مساعد وزير الخارجيّة لشؤون الجزيرة العربيّة، باربارا ليف، إنّ سلمان بن حمد لديه أجندة طموحة، مشيرةً إلى أنّ مشكلة البحرين مشكلة للحكومة بأكملها، وليست فقط مشكلة ولي العهد!

خطاب أوباما

 تسبّب خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام الجمعيّة العامة للأمم المتّحدة في نيويورك، 24 سبتمبر/أيلول 2013، في تعميق أزمة النّظام البحريني، وإحراجه بشدة أمام المحافل الدولية.

وكان الخطاب، الذي اعتبر أرفع إدانة أمريكية موجّهة للنظام في العام 2013، وأبرز مؤشر على اضطراب علاقاته بالولايات المتحدة، قد شبّه الصّراع في البحرين بالنّزاع في إيرلندا الشّمالية بين الكاثوليك والبروتستانت. 

وفي خطابه شبّه الرئيس الأميركي باراك أوباما الصراع في البحرين بالنزاع في إيرلندا الشمالية بين طائفتي الكاثوليك والبروتستانت، مؤكدا أن التوترات الطائفية تواصل الظهور في البحرين كما في العراق وسوريا. وقال أوباما إن هذه القضايا المزمنة "لا يتأتى للأطراف الخارجية أن تحلها؛ بل ينبغي على المجتمعات الإسلامية نفسها أن تعالجها"

وكان لرئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان ردّ جاهز على خطاب الرئيس الأمريكي، حيث قال إنّ أوباما استند لمعلوماتٍ مضلّلة وكاذبة قد لا تعبّر عن الواقع، ولم يستبعد أن تكون لها أهداف أخرى.

الخطاب استدعى اجتماع وزير الدّولة للشّؤون الخارجيّة، غانم البوعينين، بالسّفير الأميركي توماس كراجيسكي، طالباً منه استيضاحات!

وفي ردّ له؛ زعمَ وزير الخارجية، خالد بن أحمد آل خليفة، أنّ ما يجري في البحرين هو "أعمال ارهابية" تستهدف "رجال الأمن والأجانب المقيمين، بهدف الترويع وإثارة الفرقة وإحداث الفتنة وضرب الاقتصاد الوطني والتنمية". 

كما وصف ما جاء في الخطاب بأنّه "صعب وجديد بالنسبة لنا، ولن نستطيع تقبّله"، قائلاً إن "العارف بالأمور في المنطقة يقول ويتّفق بأنّ الأمور في البحرين وتطوّراتها لا تُشبه بأيّ شكلٍ من الأشكال ما يجري اليوم في العراق وفي سورية". وأضاف "ذكر البحرين مع هذه الدّول غير عادل".

أمّا وزير الدّاخليّة، راشد بن عبدالله آل خليفة، فاعتبر أنّ البحرين لم تشهد في يومٍ من الأيام توتراً طائفيّاً، مشيراً إلى أنّ السّلطات تواجه أعمالاً إرهابيّة "تعاملت معها وفقاً للقانون". 

عضو مجلس الشورى خالد بن خليفة آل خليفة قال تعليقا على الخطاب "إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يغازل الرئيس الإيراني على حساب البحرين".

ونقلت صحيفة "الحياة" السعودية أن خطاب أوباما دَفَع سفيرة البحرين في الولايات المتّحدة، هدى نونو، إلى الكتابة على مدوّنتها الرّسمية، إذا قالت بأنّها تشعر "بخيبة أمل لسماع أوباما يُقارِن الوضع في البحرين بالوضع الحالي في العراق، والمآسي الدّائرة في سورية".

في المقابل، رحّبت جمعيةُ "الوفاق" بخطاب الرّئيس الأميركي بارك أوباما وبالتّوجّه الأميركي للمُساهمة في إيجاد حلّ للأزمة في البحرين.. وأكّدت على أنّ العالم مدعوّ للتّشجيع والدّفع بالتّحول الدّيمقراطي في البحرين، وأن يبقى هذا الملف حاضراً دائماً في كلّ المحافل الدّوليّة.

الملف البحريني لم يكن حاضراً في خطاب الرّئيس وحده، بل كان ملفّاً من بين سلّة متكاملة يتمّ بحثها في المنطقة، ضمن تسوية دولية بدأت بتوقيع اتفاق تاريخي بين الدول العظمى وإيران حول برنامجها النووي، ولم تنته بتقارب أمريكي إيراني معلن على أرفع المستويات!

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus