حيلة الملك العاجز في 2013: جلسة العار التاريخية للمجلس الوطني

2014-01-03 - 6:33 م

مرآة البحرين (حصاد الساحات):                                                                  

"بتسمية الشيعة كلابًا، كما قالها أحد النواب خلال الجلسة التي عقدها الملك حمد، فإن آل خليفة قد بددوا أي أمل للمصالحة والحوار الوطني". إميل نخلة.

استعان الملك ، بالمجلس الوطني الملفوظ شعبياً، ليمنحه شرعية يواجه بها العالم في تبرير بطشه المَرَضي. كانت الجلسة الطارئة للمجلس الوطني إحدى حيله العاجزة. سوف لن ينسى البحرينيون أن عام 2013 شهد جلسة عار تاريخي ستبقى وصمة على جبين المجلس الوطني، وصل لأسوأ ما يمكن أن يصل اليه من انحدار أخلاقي وسياسي ووطني. لقد سقط المجلس وسقطت توصياته المخزية شعبياً ودولياً. خابت في فرض إي إيقاع لها على الحراك السياسي والشعبي التي عقدت خصيصاً من أجل لجمه واسكاته.

حيلة العاجز: جلسة العار التاريخي

المجلس الذي انعقد (28 يوليو/ تموز 2013) لأول مرة منذ 11 عاما بدعوى من الملك، أقرّ عدة توصيات بينها "إسقاط الجنسية عن مرتكبي الأعمال الإرهابية وتشديد العقوبات على المحرضين على العنف ومنع التظاهرات في العاصمة المنامة".

إلا أنه وكما توقعت المعارضة، فوّض المجلس صلاحيات التشريع للملك برفع 22 توصية لصياغتها في مراسيم بقوانين. ولم يتأخر الأخير في الرد، فقد بعث خطابًا رسميًا وصف فيه توصيات المجتمعين بأنها "وطنية خالصة". 

ورغم أن المداخلات تضمنت هجوما على فئة من الشعب وصلت لحد وصفهم بالكلاب كما فعل النائب الأول لرئيس مجلس النواب عادل المعاودة، فإن الملك أشاد بمداخلات الأعضاء، مؤكدا أنها "تدل على صدق وطنيتهم وحبهم لبلدهم وصونهم لعاداته وتقاليده"!

ومن بين سيل من مداخلات أعضاء المجلس بغرفتيه المعينة والمنتخبة (يغلب عليها الموالون) التي منحت الأجهزة الأمنية صكاً مفتوحا لاستخدام القوة ضد المحتجين، برزت مداخلة النائب أسامة التميمي الذي أكد أن الاحتجاجات ستستمر قائلاً: "لن نرجع ولن نخاف ولو غلظتم القبضة الأمنية".

التميمي أضاف مخاطبا وزير الداخلية، الذي حضر الجلسة إلى جانب 10 وزراء آخرين بينهم اثنان من نواب رئيس الوزراء، "لن نخشاك ولن نخاف أبدا، سنواصل، ورسالتي إلى أخي الشيخ علي سلمان اذهب بالحراك ونحن معك فدمي قبل دمك وصدري قبل صدرك، وإن شاء الله سوف نلتقي عند نقطة الانتصار".

وكانت مداخلتا التميمي والنائب خالد عبدالعال الوحيدتين اللتين أكدتا على حق المحتجين في التظاهر، وسط دعوات لإعلان حالة السلامة الوطنية لمواجهة الاحتجاجات التي كانت مقرر في 14 أغسطس/ آب ضمن حملة تمرد التي استلهمت من ثورة تمرد المصرية التي أطاحت بالرئيس المصري محمد مرسي بمعاونة الجيش.

وفي أول رد معارض على الجلسة تعهد أمين عام الوفاق الوطني بالمضي في "طريق المطالبة بالديمقراطية حتى النهاية". وقال في حسابه على تويتر "في البحرين شعب حر كريم سيواصل نضاله بسلمية وصولا للديمقراطية الحقيقية".

من جانبها عبرت القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة عن رفضها لـ "خطاب التحريض والكراهية والشتم الذي سيطر على ما سميت بجلسة المجلس الوطني"، وقالت إن وصف غالبية المواطنين (بالكلاب) هو أمر في غاية الخطورة.

وفي الوقت الذي أبدت القوى الوطنية استياءها الشديد من خطابات التحريض على القتل والتعذيب والاعتقال وتجريد المواطنين من الهوية، أكدت أن الخيار الأمني فشل طوال الفترة السابقة منذ 30 شهراً، وأنها مستمرة في نضالها السلمي.

حيلة الجبان: المراسيم الملكية

حمد بن عيسى أصدر مساء 6 أغسطس/ آب 2013 مرسومين بقوانين عن بعد من العاصمة البريطانية لندن التي كان يزورها: تعديل قانون الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات (حظر التظاهر في العاصمة)، وتعديل قانون الأحداث (السجن لولي الحدث الذي يشارك في الاحتجاجات)، بعد أن أصدر مرسومين آخرين في الأول من ذات الشهر لتشديد العقوبات في قانوني الإرهاب وجمع الأموال. 

المحتجون اختاروا الرد على حمد بن عيسى سريعا، حيث خرجوا بصحبة أطفالهم في تظاهرة حاشدة بعد حوالي 10 دقائق وسط الحي التجاري القديم في العاصمة المنامة ورفعوا شعارات مناوئة إليه ولنظام حكمه: "الشعب يريد إسقاط النظام" و "يسقط حمد".

ورغم أن النظام استنفر أجهزته الأمنية التي نفذت حملة اعتقالات واسعة وإجراءات أمنية مشددة، إلا أن يوم 14 أغسطس/ آب شهد احتجاجات وعصيانا مدنيا، أدى إلى شل الحركة التجارية في العاصمة المنامة وعموم المناطق ذات الغالبية المعارضة.

وبعد (تمرد) بأسبوع، سيّرت القوى الوطنية المعارضة تظاهرة غرب المنامة، فيما اعتبر أمين عام الوفاق التظاهرة التي شارك فيها عشرات الآلاف بأنها "تدخل اليأس في نفوس السلطة".

حيلة البائس: حظر الالتقاء بالدبلوماسيين

أصدر وزير العدل خالد بن علي آل خليفة 3 أيلول/ سبتمبر قرارا تنفيذيا لتوصيات المجلس الوطني يحظر فيه على الجمعيات السياسية اللقاء بالدبلوماسيين دون حضور ممثل عن وزارته، إلا أن الجمعيات رفضت القرار الذي تم مواجهته غربيا بانتقادات شديدة.

الوفاق التقت بعدة دبلوماسيين غربيين، كان أولها مع مسؤول نرويجي، دون الالتفات لقرار الوزير، بينما قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها "قلقة للغاية" من القرار، وقال المتحدثة باسم الوزارة ماري هارف "كما نفعل في بلدان في جميع أنحاء العالم، نحن نتوقع من حكومة البحرين احترام مصالحنا المشتركة في مجال الاتصالات الدبلوماسية المفتوحة والحرة مع جميع عناصر مجتمعات البلد المضيف".

أما البرلمان الأوروبي فقد أصدر قرارا 12 أيلول/ سبتمبر طالب فيه بـ «رفع الحظر عن الحق في التظاهر السلمي وحرية التجمع في العاصمة المنامة، وإلغاء قرارات وزير العدل الخاصة بتقييد لقاءات الجمعيات السياسية مع ممثلي البعثات الدبلوماسية».

وأشار البرلمان إلى أنه «لا يمكن التوفيق بين ذلك والتزام الحكومة بإطلاق الإصلاحات، كما أن ذلك لن يساعد على تحقيق التقدم في المصالحة الوطنية أو بناء الثقة بين جميع الأطراف».

ورأى مدير "برنامج الخليج وسياسة الطاقة" في "معهد واشنطن" سايمون هندرسون إن القرار "يستهدف جماعات المعارضة الشيعية ويمثل تحدٍ لواشنطن، مشيرا إلى أن الحكومة البحرينية قررت أن الوقت كان سانحاً للمجازفة بإثارة غضب أميركا.

ولم تكن تلك الانتقادات الوحيدة لتوصيات المجلس وما نتج عنها من مراسيم أو قرارات، حيث شددت 47 دولة بينها الحليفتان بريطانيا وأميركا في بيان مشترك على أن أي تشريعات جديدة لتنفيذ توصيات المجلس الوطني يجب أن تستوفي المعايير الدولية، وضمان حماية حقوق الإنسان، معبرة عن قلقها إزاء الانتهاك المستمر للحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات وقمع التظاهرات.

أما المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية اميل نخلة فقد وصف جلسة المجلس الوطني بأنها "مشهد من الحقد، وعرض من الابتذال، وإيماءة بلا حرج إلى زيادة الدكتاتورية".

واختصر في مقال تحت عنوان "البحرين تعلن الحرب على المعارضة" مدلولات تلك الجلسة بالقول "بتسمية الشيعة كلابًا، كما قالها أحد النواب خلال الجلسة التي عقدها الملك حمد، فإن آل خليفة قد بددوا أي أمل للمصالحة والحوار الوطني".

 

هوامش:

 

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus