وزير الداخلية لأحمد مكي: اعترف أنك شاركت في قتل المدني وسأخرجك من السجن في أول فرصة (3-4)

2013-11-23 - 12:24 ص

مرآة البحرين (خاص): في هذا التقرير نحاول فتح مساحة الكلام الذي بقت مخنوقة طوال 37 عاماً منذ اغتيال الشهيد المدني، لا من أجل تبني الأحكام، بل من أجل السماح للتساؤلات أن تطرح نفسها، والحالات الإنسانية المؤلمة التي عايشها الأهالي، أن تعبّر عن عن نفسها للمرة الأولى.

في تمام الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة الموافق 19 نوفمبر، تلقى مركز الخميس بلاغًا عن اختفاء عبد الله المدني فباشر ضابط المخابرات الأردني عبد الكريم العفوني (أحد الجلادين) بالبحث فعثروا على جثته في تمام الساعة 1:45 ظهرًا، أي بعد 4 ساعات و45 دقيقة. 

فجر الأحد 21 نوفمبر، أي خلال يومين فقط، ألقي القبض على المتهمين الثلاثة، تم تتبع صاحب السيارة الداتسون الحمراء واعتقل جميع الشبان الذين سهروا تلك الليلة. جاء في رواية الداخلية أن الثلاثة اعترفوا بارتكابهم الجريمة. كما اتهم ثلاثة آخرين بتهمة التحريض على قتل المجني عليه فجر 22 نوفمبر هما علي أحمد مكي ( 27 عامًا ) وعبد الأمير منصور(24 سنة) ومحمد غلوم بوجيري (27 سنة) الذي اعتقل فجر 26 نوفمبر. أصبح الستة المتهمين هم أبطال قصة الاغتيال وتحولت القضية بعد نشرها في الصحف إلى قضية رأي عام على مدار ثلاثة أشهر ونصف تقريبًا يتابع الناس تفاصيلها الدقيقة. 

أزمة ضيق تنفس 

أبدى هرم السلطة تفاعلاً سريعًا مع الحدث، فأعلن في 5 ديسمبر عن تشكيل هيئة قضائية جديدة من القضاة الجدد وترقية بعض القضاة لتشكيل "محكمة الجنايات الكبرى" ستنظر هذه المحكمة في قضية اغتيال المرحوم عبد الله المدني في اجتماع مجلس الوزراء. وفي 7 ديسمبر استقبل أمير البلاد في قصره بالرفاع القاضي الشيخ عبد الرحمن بن جابر آل خليفة ليؤدي اليمين الدستورية كرئيس للمحكمة الكبرى الجنائية بحضور وزير العدل، وخلال يومين تم تشكيل القضاة. 

كان كل شيء ضخمًا ورهيبًا إلا قاعة المحكمة الضيقة التي تتسع بالكاد لـ 35 شخصًا، تشهد أولى جلسات محاكماتها العلنية يوم السبت 10 ديسمبر 1976. وفي ذات اليوم نشرت الصحف الرسمية في الصفحة الأولى عناوين بالخط العريض:

"ستة متهمين في قضية مصرع المدني، تحال اليوم (الاثنين) إلى محكمة الجنايات الكبرى، ثلاثة  من أعضاء المنظمة تلقوا قرار قتل المدني من خارج البحرين وكلفوا 3 آخرين بتنفيذ الجريمة.سلسلة من الاغتيالات وتخريب المنشآت قررت المنظمة تنفيذها"

المتهم السادس محمد غلوم عبد الله بوجيري (27سنة ) طالب الفلسفة فشل في إفهام جلاديه أن الاعترافات ستنتزع مع روحه، نقلوه إلى المستشفى وبعد أسبوع استُدعي والده ليتسلمه. انفجر الأب فرحًا ظناً منه إنه الإفراج، فكان الجثمان. عاد الأب دون أن يتسلم جثمان ابنه الذي بدت عليه آثار التعذيب، ودون أن يشيعه تشييعًا يليق به في مقبرة المحرق، ودون أن يزوره في قبره، ودون أن يفسّر لأمه التي تنتظره كيف عاد دونه. دُفن سرًا في مقبرة الحورة بالمنامة، ولم تكشف السلطات حتى الآن مكان قبره. كما تصدرت المجلات صور المتهمين الستة (ثلاثة متهمين بالقتل وثلاثة بالتحريض) وأهم ما جاء في نهاية تفاصيل الخبر أن (محمد غلوم عبد الله بوجيري) سجل اعترافه أمام مباحث أمن الدولة وإدارة التحقيقات الجنائية بخطه: لقد جاء القرار بقتل عبد الله المدني من إحدى الدول العربية وذلك عن طريق أحد الطلاب وهو م.ن .س وقد تضمن قرار تكليف المنظمة أيضًا بالقيام بعمليات تخريب أخرى تستهدف بعض المنشآت الصحفية، وكذلك أحد رجال المباحث السياسية. وقد أكدت الصحيفة حينها أنه قد توفى أحد المتهمين بالتحريض، بعد إصابته بأزمة ضيق تنفس وأصبح عدد المتهمين الذين قدموا للمحاكمة فعلاً خمسة". بدت العبارة الأخيرة صلفة ومجحفة قبال قضية اغتيال المدني التي تصدرت الصفحات الأولى، إنها تشي بالتعذيب الذي تعرّض له المتهمون داخل المعتقل.

عادة ما يصاحب الموت تحت وطأة التعذيب ردة فعل لا تظهرها السلطة، لكن يتلمسها السجناء، فيخف التعذيب وتتحسن المعاملة، في ذلك اليوم استطاع المتهم الرابع أحمد مكي أن يتحسس بقايا وجهه ليكتشف أنه فقد حاسة النظر في عينه اليسرى وتضررت قدراته السمعية. بعد عشرة أيام فقط من استشهاد محمد غلوم، يستقبل الناس خبر استشهاد الشاعر سعيد جعفر عبد الله العويناتي (25 سنة).

بعد أن سلّم الأخير نفسه إلى مركز شرطة الخميس، داهم جهاز الأمن منزله أثناء غيابه في ظروف غامضة جدًا وفي اليوم التالي كان خبر استشهاده، سُلّم مباشرة الى أهله بتاريخ 12-12-1976.

الأجواء الغائمة، والشهداء الذين يتساقطون والمعتقلات الشرهة لابتلاع الشباب من الأطباء والطلبة والمهندسين والعمال، لم ينج منها حتى جيران الشهيد (عبد الله المدني). لم يكن المتهمون الخمسة هم فقط من تتصدر صورهم الجرائد، كانت السجون تعج  بالكثير. أصبح الناس منشغلين بأبنائهم، فقد باتوا جزءًا من القضية إضافة إلى بشاعة القتل. في المحكمة لم ينكر الجناة الثلاثة واقعة الاختطاف فيما اقرّ المتهم الأول بالقتل في حين أنكر (أحمد مكي) و(عبد الأمير منصور) أي صلة لهما بالقضية أو التحريض طوال فترة المحاكمة.  

عند مداهمة بيت المتهم الخامس (عبد الأمير منصور) تم مصادرة كتبه وكراساته وبعد الاطلاع عليها تبين أنها كتابات بخط يده تلخص بعض ما جاء في كتاب فلسفي ديني ينقد الفكر الماركسي، ودراسة عن المرأة والأسرة تتضمن نقدًا للفكر الشيوعي الماركسي وإبراز وجهة النظر الإسلامية. كما أن الشهود أكدوا أنه مسئول عن التثقيف الإسلامي لشباب قرية الديه، ويحرص على إيصال مبلغ الخمس والزكاة للشيخ (المدني) نفسه عن طريق اتباعه. تحول (منصور) من الفكر الماركسي إلى الفكر الديني في السنة الأخيرة قبل اعتقاله الذي جاء بحجة انتمائه للجبهة الشعبية، نُسب له بعدها تجسسه على الجماعات الدينية.

أداة الجريمة "سونكي" دون بصمات

الدكتور رمزي أحمد محمد (مصري الجنسية)، الطبيب الشرعي وخبير البحث الجنائي، تحدث عن الأدلة المادية التي تمثلت في إفادة الشاهد:

الإصابات التي شوهدت بجثة المجني عليه نوعان، إصابات "رضية" وإصابات "وخزية طعنية" بلغت 18 إصابة، فقد كانت وفاة المجني عليه نتيجة للنزيف الداخلي والخارجي الغزير الناشئ عن إصاباته مجتمعة وعلى وجه الخصوص الإصابات الأربع التي نفذت إلى الرئتين والكبد، يكفي واحدة منها لإحداث الوفاة. 

وثبت من الفحص، وفق الطبيب الشرعي، أن الدماء التي رُفعت على السلاح الموجود "سونكي" كانت من فصيلة دم المجني عليه ونوعها A وهي مغايرة لفصيلة دماء المتهمين الثلاثة السابق ذكرهم حيث كانت جميعهم B. أما المسدس فإنه غير صالح للاستعمال ويستلزم إصلاحه تدخلا من يد فنية وخبيرة في إصلاح السلاح. وعندما سأله المحامي: عندما ضبط السونكي هل كانت هناك بصمات على السونكي. أجاب الخبير: دي مسألة خاصة بخبير البصمات!

أما إفادة الشاهد خبير البحث الجنائي بوزارة الداخلية (محمد عبد الرسول) الخياط فذكر فيها:

فحصت السونكي وجدت بقع متجمدة من الدم، وبعد التحليل ثبت لدي بأنها فصيلة دم A مطابقة لفصيلة دم المجني عليه، وهذا ما وجدته بالنسبة للحربة. تبين أن فصائل دم المتهمين الثلاثة: محمد طاهر وإبراهيم عبد الله وعلي فلاح جميعها كانت فصيلة B. سأله المحامي: هل أجريت فحصًا على بصمات أصابع المتهمين الثلاثة؟ الدفاع: نعترض على السؤال ده، ده موش خبير بصمات. فأين خبير البصمات إذًا؟!

الصفقة الأولى 

أعلن (الشيخ عبد الرحمن بن جابر) رئيس المحكمة، أنه قد ورد إلى المحكمة اعترافان من قاضي التحقيق من المتهمين الثاني والثالث (إبراهيم مرهون) و(علي فلاح) بتاريخ 18 ديسمبر 1967، فقد أدليا باعترافات خطيرة تضمّنت الكشف عن خطط التآمر والنسف والاغتيالات التي دبرتها الجبهة التي نسبت إليها جريمة الاغتيال، كما وأن هناك خطة وضعت للقيام بحركة اغتيالات بين كبار الصحافيين وتضمنت الخطة نسف مقر جمعية التوعية

مدني 2

 الإسلامية، واختطاف إحدى طائرات طيران الخليج للمطالبة بإطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين، فقد اعترف المتهم الثاني (إبراهيم مرهون) الذي كان يحمل اسمًا حركيًا (حسن) أن قائد خليته المتهم (أحمد مكي) واسمه الحركي (جاسم) وأن الأخير أخبره بأن ''لديه أوامر من قيادة الجبهة الشعبية باغتيال عبد الله المدني وأنه قد وافق على اختيار محمد طاهر للمشاركة في عملية الاغتيال"، كما أكدت الاعترافات أيضاً أن عبد الأمير (أحد قياديي الجبهة الشعبية) قد انضم ومجموعة أخرى إلى جمعية التوعية الإسلامية بقصد التجسس عليها، وأن هناك خططًا وتدريبات للتخريب واستخدام العنف.

وبمجرد الإعلان عن ذلك أبدى محامي المتهم الثالث (علي فلاح) اعتراضه، وطلب عدم الاعتداد بهذا الاعتراف، مبينًا بأنه ليس من الحق والعدالة لأي جهة أن تأخذ اعتراف في غير هذه القاعة وأمام هذه المحكمة وعلى التناوب وعلى سبيل الاحتياط  يكون ذلك بحضور محامي الدفاع، لذا اذا لم يشطب الاعتراف سيتم الانسحاب من مهمة الدفاع وضم بقية المحامين صوتهم إلى صوته. فطلب القاضي من المتهميْن الثاني والثالث إعادة الاعتراف في هذه القاعة فأكدوا على صحة ما ذكر، فيما أنكر المتهم الرابع والخامس التهم الجديدة .

وفي يوم الأحد الموافق 16 يناير 1977، أي بعد شهر تقريبًا صدر الحكم بالإعدام لكل من المتهمين الأول والثاني محمد طاهر وإبراهيم مرهون، والمؤبد للمتهم الثالث علي فلاح، البراءة لكل من المتهمين الرابع والخامس أحمد مكي وعبد الأمير منصور. يعني لم تأخذ هيئة المحكمة بالاعترافات الخطيرة التي تمت داخل أسوار القلعة لابتزاز المتهمين الثاني والثالث باتهام أحمد وعبد الأمير ليخففا عليهم الحكم وهذا ما سيتضح لاحقًا.  

كانت الفرحة لا توصف للمتهمين الرابع والخامس أحمد مكي وعبد الأمير منصور وهم يتلقيان التهنئة من المحامين، هيأ الأهالي بيوتهم لاستقبال المهنئين ببراءة أبنائهم، لكن استئناف الادعاء العام للأحكام الصادرة ضد علي فلاح وأحمد مكي وعبد الأمير أبقاهم في السجن، رأى البعض في ذلك أن الإدعاء العام ينوي تغليظ الأحكام. فيما استأنف محامي المتهم الثاني  لتخفيف الحكم الصادر عليه. 

الصفقة الأخيرة .. أنت تعترف وتساعد هالمساكين هالفقارة

بعد حكم البراءة، أُبقي (أحمد مكي) معزولاً معصوب العينين ومقيد اليدين والرجلين في مكتب بمبنى التحقيقات الجنائية بالقلعة، كذلك (أمير منصور) كان في الغرفة المجاورة. في حدود الساعة التاسعة صباحًا دخل الضابط وفك القيود عن أحمد مكي وأمره أن يغسل وجهه. شعر أحمد بأن لحظة الإفراج حانت، أخذه الضابط إلى مكان ليس ببعيد ودخل مكتب عليه لافتة مكتوب عليها النائب العام. قاعة واسعة يتصدرها وزير الداخلية الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة (والد الشيخ فواز وزير شئون هيئة الإعلام 2011-2012) وعلى جانبه الأيسر المتهم الثاني إبراهيم مرهون وحشد من الضباط المدنيين والعسكريين. كان الوضع غريبًا، جلس أحمد مكي قباله وبدأ الوزير الشيخ بصوت أبوي يستعطف أحمد.

الوزير: بصراحة هذا إبراهيم يبي يتكلم وياك، اذا اعترفتوا إن لكم دورا بقتل عبد الله المدني  بنخفض عن (إبراهيم) حكم الاعدام وبنحكم عليه أقل من 10 سنوات، وأنا (ضرب بيده على صدره) بعطيك 5 سنوات بس. وفي أقرب فرصة أو مناسبة وطنية بطلعك، وإنت بس تعترف وتساعد هالمساكين هالفقارة.

 أحمد مكي: خلصت كلامك، اشلون تبغاني أقول شي ما سويته. 

الوزير: لالالا

أحمد مكي : عجل شنو. الكلام إلي صار قلته في المحكمة أنا مالي علاقة بالموضوع. 

أدار الوزير وجهه لإبراهيم مستنجدًا وقال: كلمه أنت.

إبراهيم مرهون: أحمد، أنا فقير، أنا عندي عيال. هذا الوزير وعدني، إذا انت اعترفت بيخفض علي الحكم وإنت يطلعونك في أي لحظة. 

لم يجادله أحمد وهو يرى إبراهيم يتوسل ويستجدي الحياة بعدما رمي إليه الوزير طوق النجاة. لم يستطع أحمد أن يرى انكساره، فأشاح بوجهه عنه.

الوزير: يا الله شتقول الحين؟ 

أحمد مكي: شوف، أنا ما سويت شي وإنتون تعرفون إني ما سويت شي والمحكمة أثبتت إني ما سويت شي، هذا آخر كلامي.

الوزير مهددًا: إنت يا الخايس باخيسك اهني 8 سنوات، وأنا ما علي من المحاكم حتى لو الاستئناف طلعك براءة، وآنا بجيب الشيوعين إللي قاعدين في سوريا واحد واحد وبسجنهم. طلعوه بره.

طوال الطريق للزنزانة لم تتوقف تهديدات رجال المخابرات بإعادة وجبات التعذيب مرة أخرى.كان ذلك اللقاء قبل أسبوع واحد من جلسة الاستئناف، كان لقاء الصفقة الأخيرة للوزير لتغيير حكم البراءة.

محكمة الاستئناف العليا

في 5 مارس 1977م أيدت محكمة الاستئناف العليا حكم الإعدام على المتهمين الأول والثاني وتعديل حكم المؤبد الصادر بحق الثالث إلى الإعدام! كما أيدت براءة الرابع والخامس. بعد ثلاثة أيام نفذ حكم الإعدام، وقد صادف ذكرى الاحتفال بالمولد النبوي.

بقى الأخيران ينتظران أمر الإفراج الذي لم يأت. وضعا في زنازن انفرادية لمدة ثلاثة أشهر مقيدين بالسلاسل، ثم إلى منطقة الجفير لمستودع سلاح قديم ومهجور ومظلم تابع للجيش البريطاني إبان فترة الحماية البريطانية لثلاثة أشهر أخرى. أُعيدا إلى القلعة مرة أخرى بعد تجديد الزنازين الانفرادية وجعلها أكثر ضيقًا ورطوبة لمدة تزيد عن الأربعة الأشهر، ثم ترحيلهما إلى سجن أقيم تواً في قرية جو. التقيا ببقية المعتقلين للمرة الأولى. 

في منتصف ديسمبر 1981  تم نقلهما إلى سجن القلعة مرة أخرى بسبب تسرب أخبار عن وجود انقلاب عسكري، مكث أحمد مكي أقل من عامين، بينما بقي عبد الأمير منصور 5 سنوات أخرى. نقل أحمد مكي لسجنه الأخير في جزيرة (جده) وبقي فيها أكثر من ستة أشهر. وفي 30 أبريل 1984 تم إطلاق سراحه. كانت تلك هي حكاية البراءة التي تأخر تنفيذها7 سنوات و 5 أشهر و9 أيام! 

في الواقع لم يكن (أحمد مكي) هو آخر معتقل في قضية اغتيال الشهيد المدني، فهناك من أكمل  ثمان سنوات في السجن دون محاكمة ودون ضوضاء ودون أضواء مثل (عبد الله مطويع).

 

في الحلقة القادمة: الأسئلة المشروعة في القضية الغامضة

 

هوامش:

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus