باتريك كوكبورن: قنابل الغاز المسيل للدموع تحل محل اللؤلؤة كرمز للبحرين

2013-10-22 - 11:03 ص

باتريك كوكبورن، ذي اندبندنت
ترجمة: مرآة البحرين

منذ عامين ونصف العام جرفت حكومة البحرين نصب اللؤلؤة، الذي يحمل فوق أعمدته الطويلة والبهية لؤلؤة عملاقة كرمز للمملكة الجزيرة، لأنها أصبح نقطة تجمع في العاصمة المنامة للمحتجين المؤيدين للديمقراطية. لم تختر السلطات رمزًا جديدًا ليحل محل النصب الذي دمرته، ولكن، إذا ما فعلت ذلك، فإنها سوف تفكر في قنبلة غاز مسيل للدموع كأفضل رمز للبحرين هذه الأيام. وتماشيًا مع هذا، فقد ورد أن الحكومة قد وقعت عقودًا مع شركات من كوريا الجنوبية وألمانيا وجنوب أفريقيا لشراء 1.6 مليون قنبلة غاز مسيل للدموع من العيارات المختلفة، بمعدل أكثر من قنبلة لكل مواطن بحريني [ بمعدل 2,5 لكل مواطن بحريني- المترجم].

على كل حال، هناك دلائل على زيادة القمع الذي تمارسه عائلة آل خليفة المالكة السنية، التي تحتكر السلطة في البلاد حيث يشكل الشيعة 60 في المئة من السكان. وهناك ما بين 2400 و 3000 شخص في السجن. في الأسابيع الأخيرة، حُوكم 50 شيعيًا، بما في ذلك نشطاء حقوق الإنسان، بالسجن لمدد تصل إلى 15 عامًا بعد إجراء المحاكمات الأقصر على الإطلاق. توفي يوسف النشمي، الذي يُزعم أنه تعرض للتعذيب على أيدي الشرطة بعد اعتقاله، في المستشفى بعد وقت قصير من إطلاق سراحه. وقال مكتب المدعي العام "لقد أدخل المتوفى إلى المستشفى في 23 أيلول/سبتمبر في حالة حرجة وكان يحمل مرض الأيدز".

نقطتان أصبحتا واضحتين خلال 30 شهرًا منذ بدء الاحتجاجات الحاشدة في 14 شباط/فبراير 2011: المتظاهرون لم يرهبهم الاضطهاد والحكومة استجابت بتحويل البحرين إلى دولة بوليسية قمعية. بعد وعود الحوار والمصالحة الفارغين في نهاية عام 2011، عادت هذه الملكية إلى اعتماد القوة لسحق المعارضة. وبشكل ملحوظ، مُنع مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب، خوان منديز، من دخول البحرين مرتين، وكان آخرها في نيسان/أبريل. وقال أحد نقّاد النظام من البحرين، طالبًا عدم الكشف عن اسمه، أنه "على مدى العام الماضي أصبح التعذيب مرة أخرى قاعدة لكل من يتم اعتقاله".

وكانت الحساسية التي وصلت إلى درجة أن البحرين قد تحولت إلى جزيرة الكراهية مع انقسامات حادة بين الحكام والمحكومين وبين السنة والشيعة، واضحة في ردة الفعل الرسمية المحمومة على إشارة الرئيس أوباما إلى البحرين في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 أيلول/سبتمبر. عندما تحدث عن أقل ما يقال عنه بأنه " توترات طائفية لا تزال تبرز في أماكن مثل العراق والبحرين وسوريا"، ولكن اصطف الوزراء البحرينيين لينفوا أن يكون للبحرين شيء مشترك مع سوريا والعراق. فقد قال وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، الذي يقال بأن وزارته تستورد كميات صناعية من الغاز المسيل للدموع، أن البحرين " لا تشهد أبدًا توترات طائفية". وادعى وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، أن المملكة قد عززت ثقافة التسامح بين الطوائف المختلفة. وأضاف أن: "ما يحدث في البحرين ... هو تضافر جهود الجماعات المتطرفة الإرهابية لاستهداف أفراد الأمن والوافدين بقصد نشر الخوف والانقسام".

وكما هو الحال مع العديد من الأنظمة الاستبدادية على مر القرون، حكومة البحرين قد تجد صعوبة في تخفيف القمع حتى ولو شاءت ذلك. فمخاوف الطائفة السنية في البحرين ازدادت بحجة وجود مؤامرات إرهابية تثيرها إيران لدعم نظرائها الشيعة. ولكن لجنة التحقيق المستقلة التي ترأسها القانوني الذي يحمل الجنسية المصرية والأمريكية، شريف بسيوني، حول كيفية تعامل البحرين مع الاضطرابات في عام 2011، لم تجد أية أدلة على تورط إيراني. مزاعم النوايا الثورية أصبحت تتحقق ذاتيا: فالمدونون المعتدلون ونشطاء الحقوق المدنية الذين تعرضوا لسوء المعاملة والذين صدرت بحقهم أحكام طويلة يميلون إلى أن يكونوا أقل اعتدالًا عندما يخرجون من السجن.

لماذا صعّد آل خليفة جهودهم لسحق المعارضة خلال الصيف؟ أحد الأسباب هو ربما الإحباط الكبير الذي شعروا به بعد 30 شهرًا من المظاهرات الأولى التي نُظمت في دوار اللؤلؤة، فالمحتجون في القرى الشيعية ما زالوا يواجهون الشرطة وينظمون المسيرات. هناك أيضا مبالغة في البحرين - كما هو الحال في المملكة العربية السعودية وفي دول الخليج الأخرى - بأن قوة أميركا في الشرق الأوسط قد انحدرت أكثر بكثير عما كان عليه في الواقع. وبالتالي شعرت السلطات بالحرية في اعتقال القيادي البارز في المعارضة، خليل المرزوق، نائب أمين عام جمعية الوفاق، الحزب المعارضة الرئيسي، في 17 أيلول/سبتمبر. وكانت المعارضة تأمل بأن يتمتع قادتها بحماية محدودة، لأن اعتقالهم سوف يزعج واشنطن وأوروبا الغربية.

عمليًا، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قد انتقدتا الحكومة البحرينية بما يكفي حول مزاعم الوحشية وانعدام الديمقراطية حتى لا تظهرا منافقتين جدًا عندما تشجبان الرئيس السوري بشار الأسد بسبب التعذيب والفشل في إجراء انتخابات. وسائل الإعلام الدولية تجاهلت البحرين إلى حد كبير في نهاية عام 2011 بسبب الأزمات المتنافسة في سوريا ومصر وليبيا، ومن المرجح أن يستمر هذا التغاضي. ويستمر.منع الصحفيين الأجانب و منظمات حقوق الإنسان من الحصول على تأشيرات لزيارة البحرين، ولكنّ منظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لديهما سجل أفضل من وسائل الإعلام الأجنبية في تتبع الاعتقالات والسجن والتعذيب والقتل.

حسيبة حاج صحراوي، نائب مدير قسم أفريقيا والشرق الاوسط في منظمة العفو الدولية ، تشير إلى أن اعتقال السيد المرزوق "هو ضربة أخرى للحوار الوطني الذي تتباهى السلطات به باعتبارها سببًا لإلغاء زيارة مقرر الأمم المتحدة المعني بالتعذيب". وتقول أيضًا أن حلفاء البحرين لم يعودوا قادرين على كتم انتقاداتهم للانتهاكات التي ترتكب من خلال التظاهر بأن هذا قد يعرقل الحوار الوطني غير الموجود.

أحد تكتيكات الحكومة هو محاولة خنق وسائل الإعلام المحلية "في الأساس كل شيء محظور"، كما يقول أحد الصحفيين البحرينيين. ويضيف "حتى أبسط انتقاد أو تقرير يمكن أن يضعك في السجن لفترات طويلة بتهمة الإرهاب. " فالمدون، محمد حسن، ألقي القبض عليه في منزله عند الثانية صباحًا في 31 تموز/يوليو، وقد سرد كيف أنه تعرض للضرب والصعق بالصدمات الكهربائية وكيف أجبر على الوقوف لمدة ثلاثة أيام وهو يتعرض للكم والركل حتى وقع على اعتراف.

ما هي النتيجة التي ستصل إليها البحرين؟ الذعر والإفراط في الرد على احتجاجات 2011 جعلا الحكومة غير قادرة على العودة إلى السياسات المتعقلة. ويعتقد بعض المراقبين أن حملة قوات الأمن هو لشل المجتمع الشيعي تنظيميًا قبل تقديم صفقة. وتشير توقعات أكثر شؤمًا أن الحكومة تسعى لتهميش الشيعة سياسيًا واقتصاديًا وأنها تستقدم السنة من سوريا والأردن والعراق وباكستان ليحلوا مكانهم. من أصل 58 وزيرًا ونائب وزير هناك فقط تسعة من الشيعة، وتقول دراسة حول التطهير الطائفي لجمعية الوفاق، ,أن الوظائف العليا التي تخضع مباشرة للملك، يتولى الشيعة منها 1% (واحدًا في المائة) فقط.


20 تشرين الأول/أكتوبر 2013
النص الأصلي 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus