فزعة النظام في البحرين من خطاب أوباما ولاءاته النافية للجنس
يوسف مكي - 2013-10-04 - 7:50 ص
يوسف مكي*
النظام في البحرين يطلب استيضاحات، من السفير الأمريكي في البحرين، عن خطاب الرنيس أوباما في الأمم المتحدة، الذي أشار فيه إلى وجود توترات طائفية في البحرين.
طبعا الخطاب، أو إشارة الرئيس أوباما، لا يحتاج إلى توضيح، فهو واضح بذاته، كما يقول الفلاسفة، ولا يحتاج إلى تفسيرات وتأويلات. ومن بين الواضحات في خطاب أوباما، إشارته إلى البحرين. فهي أوضح ما في خطابه، لكن حكومتنا الرشيدة أرادت التوضيح، والله أعلم، لكي تتأكد أن ما يقصده أوباما هل هو التوترات الطائفية أم وضع البحرين في سلة واحدة مع العراق وسوريا أم الاثنين معًا، أم أشياء أخرى قادمة في الطريق السياسي.
لذلك جاءت ردود أفعال حكومتنا الرشيدة من خلال كُتّابها، ما بين رافض لوجود توترات طائفية، ورافض لوضع البحرين مع العراق وسوريا في سلة واحدة، وآخرين رافضين للاثنين معًا. وهذا هو الموقف الحكومي، أي الرفض لوجود توترات طائفية من جهة، والرفض لوضع البحرين وسوريا والعراق في بوتقة واحدة.
وإذا كان الأمر كذلك، لماذا جاء رفض حكومتنا الرشيدة قويًا على توصيف الرئيس أوباما للوضع السياسي في البحرين؟ لا بل نكران وجود توترات طائفية، في الوقت الذي كان النظام يدّعي ويطبّل، منذ 14 فبراير 2011 حتى الآن، بأن ما يقوم به من قمع تجاه المنتفضين إنما ليمنع الاحتراب الطائفي.
إنه النظام البحريني كما عهدناه، يعود ليرفض حجته التي تبناها بالأمس ومارس القمع الفظيع من خلالها. لكنه في حقيقة الأمر في موقفه هذا إنما يحتج على الموقف الأمريكي السياسي، وليس على القول بالتوترات الطائفية، لأنها حجته في الأساس، ولأن ما وراء إشارات أوباما هو السياسة. ذلك أن التوترات الطائفية بحاجة إلى حلول سياسية، وليس إلى حلول قبلية أو طائفية أو أمنية، وهذا هو ما وراء إشارات أوباما، وهذا هو ما يقصده بالضبط، وهذا هو ما يخافه النظام ويحاول تجنب استحقاقاته، أي الحلول السياسية لأي نوع من التوترات، وهذا هو ما يريد استيضاحه، استيضاح ما لم يقله أوباما، لكنه عناه.
هذا جانب، أما الجانب الآخر، فلو أن أوباما لم يقل بتوترات طائفية، واستبدلها بتوترات سياسية، فإن حكومتنا الرشيدة ستطلب استيضاحات، وستحتج على القول بوجود توترات سياسية، وستسمعنا الأسطوانه المكررة أن البحرين بلد مستقر ومتسامح مع جميع الملل والنحل، وأن البحرين واحة الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا يوجد فيها انتهاكات لحقوق الانسان، ولا تمييز طائفي، ولا أقلية ولا أكثرية ولا قبلية، ولا، ولا، من اللاءات النافية للجنس وغير الجنس.. ولا وجود لتوترات سياسية بطبيعة الحال.
فالفكرة في هيلمان حكومتنا الرشيدة تجاه خطاب أوباما، هي أن الحليف الاستراتيجي لم يستطع التستر على فظائع النظام تجاه شعبه أو احد مكوناته الأساسية، فحاول توصيف تلك الفظائع بكلمات قليلة وعابرة ومُضلِّلة، وتأخذ في الوقت نفسه حجة النظام؛ منع (الصدام الطائفي). إلا أن النظام، لأنه إقصائي وقبلي واستبدادي، لم يتحمل ما قاله حاميه وحليفه الأمريكي، خوفا من التداعيات السياسية غير المعلنة للخطاب.
فالمشكلة بالنسبة لموقف حكومتنا الرشيدة فيما يتعلق بخطاب أوباما ليست في توصيفه للمشكلة البحرينية، إنما في ما وراء الخطاب، وما بعد الخطاب، في البعد السياسي المضمر وتشعباته ونتائجه، التي ربما قد تفزع النظام في القادم من الأيام، ويأتي ذلك في ظل حراك شعبي مستمر، ولطمات يتلقاها النظام من هنا وهناك، في أحقية وعدالة المطالب الشعبية، وتخوف العالم من انتهاكاته لحقوق الإنسان، بل وإدانته.
كل ذلك دفع بالرئيس أوباما لأن يصف ما يجري، حسب حجة النظام دون أن يتبناها، ولأن يضعه على قدم المساوة مع النظامين العراقي والسوري، في الوضع السياسي العام، وانتهاكات حقوق الإنسان، أفرادًا وطوائف. هذه هي خلفيات فزعة حكومتنا الرشيدة وكتّابها من إشارات خطاب أوباما، وهذه هي الاستيضاحات على خطاب أوباما.
*باحث بحريني في علم الاجتماع.