» تقارير
الحراك الدولي يعاود النشاط: فرصة المعارضة الذهبية
2011-06-18 - 9:51 ص
مرآة البحرين (خاص): على إيقاع حراك دولي ومحلي نشط، جاء تجمع يوم أمس في سترة بمثابة خرق جديد في الجدار الأمني الذي فرضته السلطة منذ 16 مارس/ آذار، واستمر حتى مع رفع قانون السلامة الوطنية. ضمن هذا الإيقاع شاهدنا كف السلطة أذاها عن إحدى المناسبات ذات الصبغة الدينية التي اعتاد الشيعة في البحرين إحياءها منذ مئات السنين. كما حصل ذلك في مناسبة مولد الإمام على بن أبي طالب.
رغم أن البعض عزا ذلك، وهذا صحيح في الغالب، إلـى تواجد أحد المسئولين الأميركيين في المنامة. كما وأيضا الخطاب التصعيدي الذي أطلقه الشيخ عيسى أحمد قاسم - المقرر أن يحضر اليوم إحدى المناسبات الدينية أيضاً حسبما أُعلن إمعاناً في تحدي السلطة - حين اعتبر "مهاجمة شعائر الشيعة استهدافاً لهذه الطائفة ورفض وجود شعائرها يعني رفضاً لوجودها". مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية مايكل بوزنر التقى أثناء زيارته العديد من المسؤولين الرسميين، كما أفيد عن اجتماعه بنائب رئيس الوزراء جواد العريض الذي يرأس لجنة التحقيق الحكومية في الأحداث، ووزير الداخلية، وغيرهما. لاحقاً نوه في مؤتمر صحافي عقده بالسفارة الأميركية بالمنامة إلى لجنة التحقيق الرسمية التي ستحقق في استشهاد العديد من الأفراد داخل وخارج السجن.
خطابه لم يخلُ من مداهنة، فقد كان يوحي برضى أميركي عن هذه اللجنة الحكومية التي يرأسها جواد العريض رغم كونها غير مستقلة. حث على الحوار وضرورة مشاركة جميع الأطراف، واكتفى بالإشارة لتجاوزات حقوق الإنسان. لكن السؤال الذي تبادر إلي الذهن وقتها: ما الذي سمعه بوزنر من المسؤولين الرسميين ليكون ليناً بهذه الطريقة؟ ربما ليست المشكلة فيه وليس فيما علم عنه أو لم يعلم، الموقف الأميركي معروف، سواء عبر عنه بوزنر أوفيلتمان أو كلينتون وغيرهم، وهو يقوم على رعاية مصالح واشنطن أولاً أكانت مع الحكم أو مع الاحتجاجات. لكن موقفاً دولياً ضاغطاً من الشعوب على حكوماتها لازال يتصاعد، بينهم الشعب الأمريكي، الذي تخطب وده هذه الأيام أحزاب اليمين واليسار من إصلاحيين ومحافظين، في ظل الإعلان الرسمي عن بدء الانتخابات التمهيدية للأحزاب التي تنوي تقديم مرشح لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية.
إذاً، فالانتخابات الأميركية العام المقبل يمكن أن تصب في صالح المعارضة البحرينية شريطة استغلالها بالشكل الصحيح. إذا ما أضيف إلى ذلك دخول السلطة في البحرين في حرب مباشرة مع الصحف البريطانية العريقة برفعها دعوى ضد صحيفة الإندبندنت الشهيرة. الأخيرة لم تكن وحدها في هذه الحرب، سرعان ما ساندتها صحيفة الغارديان، وهما تعكسان حساً جماهيرياً لدى الشارع البريطاني للمطالبة بموقف أكثر حزماً تجاه البحرين، وهو شيء تحتاج المعارضة البحرينية إلى الالتفات له. تؤكد جميع الأطراف الدولية على المشاركة في الحوار، فيما تنتظر السلطات البحرينية من المعارضة أن تنطق برفضها له، لتكون الورقة الرابحة السهلة ضد حركة الاحتجاجات. فقد كسبت هذه الورقة في الحوار الأول الذي طرحه ولي العهد، وأصبحت أكثر من دولة تحمل المعارضة جزءاً من المسؤولية نتيجة تحفظها على الدخول في الحوار.
ليس سهلاً على المعارضة اتخاذ موقف، ولابد أن تدرس خياراتها جيداً بموازاة عدم إغفال الشارع وحركته، ربما هذا ما وعته جمعية الوفاق التي أعلنت عن تنظيمها للمهرجان الجماهيري الثاني في مدينة سترة عصر يوم أمس الجمعة. والذي كان مفاجئاً للجميع. لكن الأكيد في الموضوع أن الشارع لن يتقبل فكرة الدخول في الحوار فيما لا تزال المحاكم العسكرية تلقي أحكاماً بالسجن لسنوات ضد المواطنين، وفيما لا تزال السلطة تعد بإرجاع مفصولين من العمل ومن الدراسة بالجامعة وإعادة بعثات لمن سحبت منهم، كما لاتزال من جهة أخرى تواصل في عمليات الفصل بوتيرة أخف.
هل هذا هو ما يسمى بصراع الأجنحة داخل الأسرة؟ ربما... وربما يكون الجواب الأقرب للصحة أنها تحاول أن تخلق توازناً يهيئ الأرضية لها لاتخاذ خطوات تصحيحة كما وعدت. فإعادة 571 مفصولاً لم يتجاوز الإعلان في وكالة أنباء البحرين الرسمية، وهو الأمر الذي نوه به بوزنر المسؤول الأميركي الذي غادر المنامة واعداً بمناقشة مرئيات زيارته مع المسؤولين في واشنطن. ربما كان الحراك الدولي في هذه الفترة فرصة ذهبية من أجل التحرك، في حين أن حركة الشارع عادت لتسخن من جديد مع فعاليتها يوم أمس، وبذلك تكون المعارضة قد استعادت عافيتها ميدانياً ودولياً. فخيارات السلطة بدأت بالتقلص باستثناء مطبة الحوار التي تشكل خطراً حقيقياً على الاحتجاجات، فخياراالد خول والرفض يرتبطان بحسابات دقيقية يكون الخطأ في أبسط معادلاتها مكلفاً. ويجب ألا نغفل هنا أن السلطة وعت جيداً لحراك الخارج إعلامياً ودبلوماسياً.