» تقارير
فاطمة البلوشي: مغمغة الكذاب وغمّه!
2011-06-17 - 11:08 ص
مرآة البحرين (خاص): "ان أريد الإصلاح ما استطعت". هذه واحدة من الكلشهات التي يرفعها تنظيم الإخوان المسلمين بعد رفعها من القرآن الكريم لإعطاء سلوك الجماعة الدنيوي ملمحاً قدسيا. لكن "الإصلاح" الذي تتوسل له الوزيرة الإخوانية، فاطمة البلوشي، البديل الأصولي عن أحمد بن عطية الله في مواجهة المعارضين، على خلاف من هذا تماماً. فما هو الإصلاح الذي تريده الوزيرة الإخوانية؟ لنعد إلى القصة من البداية.
مع أحداث 14 فبراير/ شباط وما أعقبها من حملات أمنية وإعلامية وحفلات زار التخوين المصادرة على وطنية المعارضة والمحتجين واتهامهم بالتواطؤ مع جهات خارجية لقلب نظام الحكم، فتح الباب واسعاً لصناعة الأبطال والموالين. الوزيرة البلوشي، جاءت في هذا السياق، لتصبح الوزيرة "الهيرو".
لقد صدور المرسوم الملكي (19) في 25 فبراير/ شباط بتعيينها قائمة بأعمال وزارة الصحّة، إضافة إلى تحميلها مسئولية ملف حقوق الإنسان بعد سحبه من الوزير المستقيل نزار البحارنة آنذاك الذي سمح للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بزيارة البحرين. وهو الأمر الذي أثار غضب السلطة، خصوصا أن السلطات الأمنية كانت تمارس أبشع أنواع الانتهاكات في حق الكادر الطبي والمواطنين.
قدوم الوزيرة جاء مع بدء حملة التشهير والتحريض على الكادر الطبي، وقد دعمت التوجهات الرامية إلى "تطهير" وزارة الصحة من الكوادر الطبية والادارية التي ساعدت الجرحى والمصابين في الدوار. ويبدو أن اختيار البلوشي يعود إلى تمتعها بحصانة برلمانية إخوانية وسلفية وحكومية، تؤمن لها عدم المساءلة البرلمانية لاحقا، إضافة إلى ما تحمله من توجه طائفي ينسجم مع خطاب السلطة في هذه المرحلة.
الوزيرة الهيرو المعنية بملف حقوق الأنسان أطلقت العنان للقوات لأمنية للدخول إلى مستشفى السلمانية، واهانة الكوادار الطبية واعتقالهم، بل والدخول إلى المكاتب الإدارية وضرب الموظفين وجرجرتهم عراة خارج مبنى الوزارة. وقد أوقفت 150 من مختلف الطواقم الطبية، فيما حول الأطباء إلى المحكمة العسكرية في سابقة من نوعها لم يشهدها تاريخ البحرين.
مع وصول البلوشي بدأت عملية سحق الكوادر الطبية وإجراء حملة "التطهير" الطائفي عبر فتح الباب على مصارعيه لقوات لأمن، لتعيث فسادا في المؤسسة الصحية، وتقيم "محاكم التفتيش" لموظفي الوزارة. هيأ لذلك وجود وكيل للوزارة إخواني الهوى هو عبدالحي العوضي، وهو متورط باختلاس نحو 22 مليون دينار، وقد استطاع أن يبني له شبكة استشاريين فاسدين عجز الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة أن يفككوها.
يبدو أن هذا هو "الإصلاح" الذي أرادته الوزيرة الإخوانية: جعل كل شيء "إصلاحياً"، أي منسوبا لجمعية الإصلاح.
قلب الأحمق وراء لسانه
سقطات كثيرة وقعت فيها البلوشي، آخرها البيان الذي أصدرته بعد زيارتها لجنيف، وقد أكدت فيه أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان قالت إنها "تلقت معلومات خاطئة من بعض الجهات شوهت سمعة البحرين"، إذ ما لبث مكتب الموفوضية السامية أن أصدر بيان تكذيب، قال فيه "روبرت كولفيل" المتحدث باسم مكتب المفوضة السامية أن ما دار في اجتماعها يوم الجمعة الماضي مع وزيرة التنمية الاجتماعية البحرينية وثلاثة مسؤولين حكوميين آخرين "قد تم تحريفه بشكل فاضح في تقرير نشرته وكالة الأنباء البحرينية، والتي لم تكن موجودة أثناء الاجتماع".
وكالة أنباء البحرين أعلنت عن عدم مسئوليتها عن بيان الوزيرة، الأمر الذي اضطر الوزيرة إلى أن تصدر بيانا في وقت متأخر من الليل، لا تتراجع فيه عن تحريفاتها، بشكل صريح، بل لتموه تراجعها بما يشبه مغمغة الكذاب.
في الحقيقة إنها ليست المرة الأولى التي تقع فيها البلوشي في مأزق، ففي تاريخ 10 أبريل/ نيسان عقدت مؤتمرا صحفيا اتهمت فيه الكوادر الطبية بتزوير سجلات واختلاق قصص مفبركة، وقد أنكرت مقتل الشهيد أحمد فرحان بالرصاص، وإذا بمراسل أحد الجهات الإعلامية يفاجئها على الهواء مباشرة، مؤكدا رؤيته لجثة الشهيد المصابة بالرصاص في الرأس، الصمت عم الغرفة حينها، البلوشي لم تستطع الرد فقفزت إلى سؤال آخر، لكن الإعلام لم يقفز معها.
الوزيرة اتهمت المعارضة باستخدام برنامج الفوتوشوب لتعديل صور من ماتوا في السجن، لكي تظهر إصاباتهم بشكل أسوأ، فرد عليها مراسل BBC فرانك غاردنر في المؤتمر الصحفي بأنه شاهد بنفسه آثار الضرب على جسد السجين الممدد على مدقّة الموتى في المغتسل، ليأتي الرد الأقل من دبلوماسي على لسان الوزيرة "سنعمل لجنة تحقيق".
أما حادث الشهيد عبدالرضا بوحميد الذي اعترف وزير العدل بإصابته برصاص في رأسه، فلم يرق للسان البلوشي الذي اعتاد النفي والتكذيب وقلب الحقائق، فاتهمت الأطباء الذين حاولوا انقاذ حياته بقتله.
ولن ينسى المتابع حلقة الإعلامي الشهير مارسيل غانم الذي كشف عبر برنامجه ضعف التبرير الرسمي لانتهاكات حقوق الإنسان، فبينما أصر رئيس هيئة شئون الأعلام الشيخ فواز بن محمد آل خليفة بأنه ليس ثمة مسجد أو دار للعبادة تعرض للهدم، قالت البلوشي أن هنالك مساجد شيعية وسنية أيضاً هدمت لمخالفتها قوانين البلديات المتعلقة بالأوقاف ودور العبادة. وفي الحلقة نفسها لم تسعفها مهارات النفي والكذب في تبرير حادثة اغتصاب فتاة في منزلها على أيدي قوات الأمن.
سقطات أوقعها فيها لسانها الكاذب، في مرحلة حرجة يسجل تفاصيلها التاريخ وتوثقها الصورة والتسجيلات، فهل تقدم الحكومة البلوشي كبش فداء أمام أي انفراجة قادمة كما قدمت سابقها وزير شئون مجلس الوزراء المخلوع الشيخ أحمد بن عطية الله؟