» تقارير
فاطمة البلوشي: وزيرة الإخوان وإخوان الإخوان
2011-06-14 - 9:13 ص
مرآة البحرين (خاص): شكلت شخصية الشيخ أحمد بن عطية الله "هيرو" الحكومة الرابح للمرحلة السابقة في عملية مواجهتها لمعارضيها. قبل أن تطيح به ثورة 14 فبراير/ شباط، حيث كان مقدراً له البقاء في الظل لولا انتشاله على يد قوات درع الجزيرة. كان وزيرا لشئون مجلس الوزراء، الوزير المسئول عن الجهاز المركزي للمعلومات، والوزير المعني بديوان الخدمة المدنية، ومعهد الإدارة العامة، وعلى خارطة دم المحتجين المسال في دوار اللؤلؤة 17 مارس/ شباط أصبح وزيراً للمتابعة بالديوان الملكي.
لكن رغم ذلك، يبدو أن "الهيرو" تغير. فليس أنفع، لاختراق الصورة، من وجه ناعم نسوي لمواجهة تحديات المرحلة المستجدة بالغة الخشونة. فاطمة البلوشي، وزيرة الإخوان ممتدة الصلاحية من قاهرة المعز إلى المنامة. إنها "هيرو" المرحلة في مواجهة المعارضة. وقد جمعت لها عدد "نياشين" الوزير السابق: وزيرة التنمية الاجتماعية، القائم بأعمال وزير الصحة، الوزيرة المسئولة عن ملف حقوق الإنسان في الحكومة، رئيس اللجنة الوطنية للطفولة، رئيسة اللجنة الوطنية للمسنين، رئيسة اللجنة التنفيذية لصرف علاوة غلاء المعيشة، اللجنة العليا لرعاية شئون المعاقين، الوزيرة المسئولة عن الجمعيات .. ويجدر التساؤل هنا من هذا الهيرو؟
بنت الإخوان
تنتمى فاطمة البلوشي إلى تيار الإخوان المسلمين، وهو أحد التيارات الموالية إلى السلطة، وقد لعب دورا كبيرا في حماية مصالح الحكومة في مجلس النواب طيلة السنوات العشر الماضية. بل حرص على حماية الوزراء الفسادين وتبرئتهم في اللجان البرلمانية المشكلة لمحاسبتهم.
من جانب آخر، دفاع الأخوان المسلمين عن دستور 2002 وترجموا ذلك بمشاركتهم في الانتخابات في وقت تعالت فيه أصوات المعارضة بالمقاطعة. كان الثمن باهضا، والمكافأة سخية، إذ تم استحداث حقيبة وزارية جديدة مشتقة من وزارة العمل، أطلق عليها وزراة التنمية الاجتماعية، وقد تسلمتها فاطمة البلوشي التي كانت عضو مجلس الشورى في حينها.
في خدمة الإخوان
"أقسم على الولاء والسمع والطاعة، وأن أكون مخلصاً وألتزم بمبادئ حركة الإخوان المسلمين وأهدافها الاستراتيجية، والولاء للمرجعية والمرشد العام والالتزام بروح الفكر الإخواني"، هذا هو قسم تنظيم الإخوان المسلمين الذي تنتمي له الوزيرة، وفي 2004 أقسمت على خدمة الوطن، ولكن أحدا لم يثر حولها مسألة ازدواج الولاء.
تمكنت الوزيرة البلوشي من الوفاء بقسمها، عبر توظيف المنتمين إلى جمعية الاصلاح في مختلف المناصب الإدارية، حتى إنها سعت لتعيين أحد أعضاء جمعية الإصلاح كوكيل للوزارة في الوقت الذي لم يشغل فيه أي منصب اداري من قبل، فيما تدخل النائب الشيخ عادل المعاودة لتثبيت بدرية الجيب في منصب وكيل مساعد بالوزارة. ولم يتوقف تغلغل "الإخوان" وسيطرتهم على المناصب الإدارية وإنما تعدى ذلك للوظائف الصغيرة والمتواضعة، فسكرتيرة الوزيرة عضو ناشطة في جمعية الإصلاح.
ومن الحوداث المعروفة أن الوزيرة البلوشي خاضت معركة من الخلافات مع الوكيل المساعد السابق لتنمية المجتمع آنذاك وحيد القاسم، رغبة في إزاحته من منصبه من أجل شغر المنصب بقيادي من جماعة الإخوان المسلمين. وبعد أن تصاعدت وتيرة الخلاف غادر القاسم مقعده، ليشغل منصبه خالد إسحاق، وهو من أصدقاء الوزيرة المقربين والمحسوبين على تيار الأخوان.
الوزيرة الإخوانية حكرت وزارتها على الإخوان وإخوان الإخوان الأعداء، وهم السلف، ومارست التمييز الطائفي في وزارتها إذ إنها من أقل الوزارات إعلاناً عن شواغرها الوظيفية، ولا يوجد منصب فيها خارج طائفة الإخوان وإخوان الإخوان.
أما على صعيد عمل المؤسسات الخيرية التي تعتبر من أهم مسئوليات وزارة التنمية، فإن الوزيرة ما لبثت أن منحت كامل الدعم لتنظيم الإخوان وأذرعها من المؤسسات الاجتماعية والتعلمية والدينية. وبلغ الأمر حد أنها دعمت المرشحين عبدالرحمن الحسن ووليد هجرس، من ميزانية الوزارة. وقد أشار ديوان الرقابة المالية في تقريره السابق إلى أن وزارة التنمية لا يوجد بها مدقق مالي، وبالتالي فإن التسريب المالي في ميزانية الوزارة غير مقدّر.
وتدور الشبهات حول تسهيل الوزيرة لعملية تمويل تنظيمات خارجية من قبل مؤسسات خيرية محسوبة على تيار الوزيرة، خصوصا وأن الوزيرة مسئولة عن حركة أموال الجمعيات الخيرية بين الداخل والخارج.
أما على صعيد المراكز الاجتماعية، فإن المناطق الريفية تشهد بطء في إنشائها، في حين المحاباة في إنشاء المراكز تكون من نصيب مناطق الموالاة، ناهيك عن المحسوبيات وعدم الشفافية في منح المالية المستحقة للمنظمات الأهلية.
تجاوزات كثيرة دعت كتلة الوفاق النيابية للتحقيق فيها، فقد أعدت الأخيرة ملفا كاملا عن تجاوزات الوزيرة تمهيدا لاستجوابها، غير أن الأحداث المتسارعة واستقالة الوفاق على خلفية الاحتجاجات الأخيرة انقذت الوزيرة، فتحولت من متسهدَفة إلى مستهدِفة.
للحديث صلة.