» تقارير
حرب القصور: قرصة ولي العهد الاقتصادية
2011-06-14 - 8:32 ص
مرآة البحرين (خاص): نجح ولي عهد البحرين خلال سنوات قليلة، كما ذكرنا في الحلقة الأولى، أن يجعل قاعدة الاقتصاد المحلي أكثر متانة، وذلك عبر سياساته الاقتصادية الإصلاحية. لجم شراهة التجار البحرينيين بعدد من القوانين. وكان هدفه المعلن توظيف العاطلين البحرينيين.
التجار ضجّوا أثر تطبيق قانون (سوق العمل). اعتبروه قاسٍ في سوق صغيرة ومحدودة. لكن القانون تمكن من توظيف أكثر من 70% من الخريجين الشباب وإلحاقهم بسوق العمل. أيضاً، جعل السوق ذات جاذبية للمستثمرين مع أولوية توظيف العامل البحريني.
توظيف العاطلين، لم يكن يشغل رئيس الوزراء منذ 40 عاماً، وسط سياسة تمارس التمييز المذهبي والطبقي والقبلي في أغلب الوزارات. البطالة كانت في تفاقم. أصحاب الشهادات لم يكونوا مستثنيين من البطالة. الخريجون الجامعيون أمام مستقبل مجهول. أما الذين لا يملكون شهادات جامعية، فالمستقبل أمامهم أكثر قتامة. سيسمح لك إن كنت سني المذهب أن تنضم إلى قوة دفاع البحرين والجيش، لكن حين تكون شيعياً ليس لك خيار، أعمال متدنية الأجور في القطاع الخاص (80 إلى 120 دينار)، مهن غير منظمة، العمل كبائع جوال، بائع خضار، بائع سمك، سائق، مقدم أطعمه، عامل في فندق، أو عامل في محطات البترول.
ثروات البلد محتكرة، لا تصل الشعب. عصارتها تذهب إلى الأسرة الحاكمة وقلة من الأثرياء القريبين. الفتات تسد به مديونية الدولة ويوضع في الميزانية السنوية بالنسبة المتدنية لسعر النفط. الأمر انعكس سلبا على مجمل الاقتصاد في دولة تُحسب من الدول الغنية. رئيس الوزراء لا تهمه المشاريع الريعية ولا المشاريع البنيوية والتنموية إلا كمساجلات إعلامية لإسكات الرأي العام المتحامل على سياسة التجويع غير المعلنة.
البطالة، وضعت البلاد أكثر من مرة على شفا انفجار، قادت إلى تدهور أمني داخلي غير مرة. لكن سياج "أمن الدولة" كان يُسكت أي تحرك موجوع يقوم به الشعب . سياسة الإصلاحات الاقتصادية التي تبناها ولي العهد، تسببت في عدم ارتياح، بل انزعاج رئيس الوزراء. أحرجته، وأظهرت للعلن، أن تجاهل أهم المشاكل "البطالة" كانت من صلب سياسته التي يفتخر بها اليوم تحت شعار "التجويع"، وإنها لمتعمدة.
انطلق ولي العهد في إصلاحاته حافرا في صخر، يحارب من داخل القصر وخارجه. لا تزال الأدوات بيد النظام القديم المتمثل في عمه الكبير. الإعلام وبيت التجار والوزارات كلها تحت سيطرته. كذلك ولاء العائلات التي يعمل غالبية أفرادها لديه، أو معه.
بدأت الحرب الإعلامية الموجهة ضد ولي العهد، أقلام وصحافة، جيروا في الأزمة الأخيرة يدقون بين الفينة والأخرى طبول الهجاء لبعض الوزراء والمسئولين المحسوبين على ولي العهد، محاكاة للمثل القائل "إياك اعني فاسمعي يا جارة".
شركة ممتلكات، ومجلس التنمية الاقتصادية، والحلبة الدولية، ووزارة العمل، والهيئات التابعة لها كهيئة تنظيم سوق العمل، وتمكين (صندوق العمل)، كان لها جميعها نصيبها من الانتقام من الجارة التي أزعجت جارتها الكبيرة. آخرها، كانت شركة طيران الخليج التي كان قد سيطر عليها ولي العهد لإعادة هيكلتها من جديد وحمايتها من الفساد الذي نخرها كالسوس. أيضاً الوزارات التي ساهم ولي العهد في اختيار مرشحين لها، كل هذه كان لها نصيبها من التصويب الهجائي من إعلاميي الحرس القديم والكتاب. المفاجأة، أنه حتى تقرير ديوان الرقابة المالية، شن هجومه على تلك الهيئات دون سواها.
ولي العهد اكتسب سلطة واسعة وحرية كبيرة بعد نجاحه في سياسة الإصلاحات الاقتصادية. الملك خوله التصرف بما يخدم تلك التوجهات، بعد أن بدأت الحرب الباردة مع عمه الكبير تظهر على شكل حروب بين الوزارات. الوزارات المحسوبة على عمه صارت تقفل الباب أمامه وتشكل حاجزاً أمام مواصلة أهدافه. ما دعى ولي العهد إلى كتابة تلك الرسالة الشهيرة، بين الابن الإصلاحي والأب الملك الراغب بالإصلاح، التي تم نشرها على الصفحات الأولى بالصحف في 2008م، لتبين أن الحرب العلنية انتهت بفوز الإصلاحي الطموح.
محاربة ولي العهد للفساد، تشكل ضربة أخرى لعمه الأكبر الذي تفشى في عهده الفساد المالي والإداري بشكل لا يمكن إغفاله. قام الشيخ سلمان بإغلاق بعض الوزارات التي تستنزف ميزانية الدولة كوزارة المواصلات التي يرأسها ابن رئيس الوزراء علي بن خليفة آل خليفة، ووزارة النفط التي كان يرأسها عيسى بن علي آل خليفة، واستبدالها بهيئة النفط والغاز، وما أسفر عن تبعاتها من فضيحة الفساد والرشوة التي اتهم فيها وزير النفط السابق عيسى بن علي بتسلمه ملياري دولار من شركة ألكوا الأمريكية. يذكر بعض المقربين، أن عيسى بن علي ليس إلا اسم فقط وان المبالغ كانت تذهب لرأس الحكومة المتمثل في رئيس الوزراء. وان نشر القضية في صحيفة أمريكية وهي"وول ستريت جورنال" كانت انتقاماً من ولي العهد على الممارسات وأساليب التضييق والتشهير التي كان عمه الكبير يحاربه من خلالها، وكانت أشبه بقرصة تحذيرية لوقفه عند حده. إلا أن الحرب لم تنته وبقيت مستعرة.. ولنا بقية