الثورة البحرينية والخيار الإقليمي
2013-09-02 - 3:33 ص
إيمان شمس الدين*
وفق رسم خريطة المنطقة في صراع المحاور والخيارات، وعلى مستوى عالمي، كان للثورة البحرينية وشعبها خياره المغاير واقعًا لخيار باقي الثورات، التي انكفأت على ذاتها أولًا، وضيعت أولوياتها ثانيًا، إذ يفترض أن تكون في طول أولويات وخيارات الأمة العربية والإسلامية أمام الاستكبار والعجرفة الأمريكية والصهيونية.
الثورة البحرينية، وبغض النظر عن توقيت تحقيق أهدافها، حجزت لها موقعًا متقدّمًا في خارطة الصراعات، وأعادت رسم وعي الشعب البحريني بشكل غير منكفئ على الذات، وإنما وعي استراتيجي سيحقق تقدمًا في ذهنية شعوب الخليج على المدى البعيد، لتكون هذه الثورة، رغم كل محاولات تشويهها وحرفها عن أهدافها، هي من تقود حركة الوعي، وترسم أبعادها وأولوياتها.
تأتي الثورة البحرينية لتراكم، على مستوى الداخل، مسيرة حركية بدأت قديمًا ولكنها تمر بمرحلة تكاملت فيها عناصر مهمة هي عمق الوعي، والرسالية، ووضوح الرؤية التي اجتمعت لتشكل عناصر قوة في تحقيق المطلب في إصلاح النظام والنهوض بالبحرين.
وإن كنا نريد أن نرصد نتيجة الحراك المطلبي فهي لن تكون قريبة وفق موازين الواقع الخارجي، ولكن الثورة البحرينية ربطت نفسها بمشروع التغيير الحقيقي، على نسق هويتنا وثقافتنا، وليس مشروع تغيير شكلي تتحول فيه الشعوب لأدوات في يد أمريكا وحلفائها لتحقق واقع شعاره التغيير وحقيقته مزيد من الهيمنة، من خلال وضع أنظمة عميلة لها تعمل كعميل استخباراتي ضد الشعوب وليس لخدمتها وخدمة مسيرة تحررها الحقيقية.
ورغم اتصال الشعب البحريني بمرجعيات دينية تاريخيًا، حيث التقليد جزء مهم في أبجدياته الحركية لمعرفة الوضع الشرعي في ذلك، إلا أن هذه الثورة أثبتت وعي الشعب البحريني المتقدم على كل المرجعيات، وقيادته للحراك بشكل ترسخت فيه القيم والأحكام الشرعية، التي تجلت في سلمية حراكه، رغم كل محاولات جره لاستخدام القوة؛ من خلال القتل والتعذيب بكافة أشكاله من قبل النظام.
وبعد 3 سنوات من الثورة والحراك أكسبت الشعب البحريني مزيدًا من الوعي والإدراك، ورسمت له خياراته الواضحة، نستطيع القول إن الأمل في منطقة الخليج في التغيير بات واقعًا معلقًا على هذا الشعب الحضاري وصاحب الحضارة، ليجلي تجربته، ويرسم حراكه المطلبي في ذهنية شعوب الخليج، رغم امتلاك أنظمتها كل مقومات القوة والمنع والبطش والتشويه، لكنه بات قادرًا، من خلال صموده واستمرار حراكه وسلميته، على أن يتجاوز مكنة هذه الأنظمة المادية، ويعيد خيارات الشعوب الخليجية للواقع الإقليمي العروبي والإسلامي، بعد أن جرتها أنظمتها لتكون في خندق واحد مع الصهاينة والأمريكان ضد الأمة وخياراتها الحتمية التاريخية في التحرير الواقعي من كل الأغلال المادية والمعنوية، خاصة الأغلال التي تضعها أنظمة الخليج برعويتها المالية لشعوبها، بطريقة تمثل فيها دور الأب الحنون، ببذل المال لشراء ولاءات الشعوب، وما هذا المال إلا من ثرواتنا المنهوبة باسم الحكم العائلي والقبلي والوراثي، الذي استطاع أن يتحالف مع سلطة الفتوى لتكتمل عملية الأسر للعقول وارتهانها بدعاوى باطلة.
فمهما بعد زمن تحقيق مطالب الحراك البحريني، إلا أن الثورة البحرينية تقدمت في خيارها الإقليمي الشامل الرافض للهيمنة، والداعم لكل أنواع التحرر، وحجزت لها موقعا هامًا في قلب الأمة النابض والرافض والمتمسك بخيار المقاومة والممانعة.
Chamseddin72@gmail.com
*كاتبة كويتية.