بعكس عقارب الساعة في السعودية والإمارات.. النظام البحريني متمسك بـ«الإخوان» في زمن غروبهم
2013-07-31 - 2:30 م
مرآة البحرين (خاص): فيما تقارب شمس تنظيم الإخوان المسلمين الدولي على الزوال في غير بلد عربي، وقيام السعودية والإمارات، أغنى دولتين خليجيتين وأكثرهما تأثيرا سياسياً، بقيادة تحالف عربي ضده، تظهر البحرين كما لو أنها استثناء من هذه القاعدة. فقد نجح هذا التنظيم في زراعة خلاياه في كل مؤسسات هذا البلد العسكرية والمدنية، وصولا إلى مواقع متقدمة في الوزارات.
واقع مختلف للإخوان في البحرين. إن منهم الوزراء، والوكلاء، والتجار، وشيوخ الدين، والنواب، والشورين، كما أن منهم الضباط، وبالطبع الوزراء. حيث تستضيف الحكومة البحرينية في جلستها الإسبوعية وزيرين من تنظيم الإخوان، وهما: وزير حقوق الإنسان صلاح علي، ووزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي، أو «أم الحارث» كما يحلو للإخوان أن يسموها. كما تستضيف الحكومة وزيرا سلفياً هو غانم البوعينين.
التغلغل الإخواني
في القطاع التجاري، يمكن القول إن كل رجالات البنوك الإسلامية هم إخوانيو الهوى أو التنظيم، تتصدرهم عائلة المير بشكل واضح. ويقال سراً وعلناً إن الواجهة المالية للإخوان تكمن في يد النائب السابق عبدالعزيز المير الذي يقال إنه الآن بمثابة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في البحرين. فيما يعد رجل الأعمال المعروف عصام جناحي، عضو مجلس الشورى، من أبرز داعميهم عبر بيت التمويل الخليجي. وهناك أيضاً عائلة القائد، وهي عائلة ارتفعت مشاريعها التجارية بشكل كبير جداً بعد التصاق عدد من أفرادها بشخصيات مؤثرة من العائلة الخليفية. رجل الأعمال المعروف عبدالحكيم الخياط قريب من الإخوان وشارك في عدة فعاليات لهم، وكان سخياً في مشاركاته.
وفي القطاع العسكري، يكفي أن يقال إن مسئول التوظيف والموارد البشرية في جهاز الحرس الوطني هو من تنظيم الإخوان. وأن الوزير الحالي والنائب السابق صلاح علي كان يرسل باصات للأهالي الذين استطاع التنظيم إدخال أبنائهم في هذا الجهاز، لحضور حفلات التخرج في سلك الحرس الوطني.
في مجلس النواب، شاركت جمعية المنبر الإسلامي وهي الجناح السياسي للإخوان المسلمين في البحرين، في انتخابات 2006 و2010 وفازت في كلتيهما بكتلة من سبعة نواب. وأما في العام 2010 فقد انخفض عدد نوابها إلى ثلاثة هم: علي أحمد، محمد العمادي، عبدالحميد المير، قبل أن تنضم سمية الجودر لمجلس النواب كعضوة «مستقلة» في الانتخابات التكميلية.
الكاتب البحريني غسان الشهابي رأى في دراسة له بعنوان «الإخوان المسلمون في البحرين.. تحولات العقود السبعة» أن «هناك الكثير من الشواهد على تغلغل عناصر جماعة الإخوان المسلمين في مواقع وزارة التربية والتعليم في الجانبين الإداري والتعليمي. وقد استطاعت جماعة الإخوان في حالات كثيرة في الخليج، في السابق كما هو الآن، أن تتغلغل داخل الأنظمة التعليمية. بل إنها في بعض حالاتها قد أحكمت السيطرة عليه من خلال سيطرتها على مراكز التحكم في هذا النظام».لدى أعضاء من تنظيم الإخوان عدد من المناصب الهامة في الدولة، فالوكيل المطلق اليد في وزارة شوون البلديات محمد نور الشيخ هو شقيق القيادي المنبري عبداللطيف الشيخ. كما أن كبار مسؤولي وزارة التربية والتعليم بدءاً من التوظيف بقيادة صبري عبدالهادي، حتى المناصب الأخرى المتدنية هم تابعون للإخوان؛ حيث تتعتبر وزارة التربية في البحرين «مُلكاً عضوضاً» لتنظيم الاخوان.
ويلاحظ أيضًا، أن كبار موظفي ومسؤلي المكتب بمجلس النواب أكثريتهم من الإخوان، وهو ما استدعى صراعات مع جمعية الأصالة السلفية. وأيضاً في المؤسسة العامة للشباب والرياضة تبدت سيطرتهم، في قيادة هذه الموسسة. ففي أواخر عهد فواز بن محمد آل خليفة، كانت المواسم الثقافية ذات الطابع الإخواني في أعلى مستوياتها. ويكفي أن نعرف أن استضافة الداعية المثير للجدل وجدي غنيم في البحرين لنحو عام أو أكثر، كانت تحت كفالة شقيقة الملك مباشرة.
وفي الجانب الديني، فإن تنظيم الإخوان يسيطر على شبكة مساجد ضخمة في البحرين، استطاع من خلالها جمع الأنصار والتابعين له، خصوصاً من الشباب حديثي التجنيس، وهذا الموضوع كتب عنه حتى كتاب محسوبون على السلطة. وفي الجانب الإعلامي لهم العديد من الشخصيات، حتى أن صحيفة مثل صحيفة «الأيام» التابعة للديوان الملكي والتي يملكها نبيل الحمر المستشار الإعلامي للملك، نشرت على صفحتها الدينية قبل أيام مقالاً رئيسيًا قبل أيام للزعيم الروحي للإخوان في العالم يوسف القرضاوي، وكان عنوان المقال يخص «فقه الأولويات».
في وسط كل هذا البحر الهائج، وفي فترة صعود الإخوان أوائل فترة الربيع العربي، يمم وفد من مجلس إدارة المنبر الاسلامي بقيادة عبدالعزيز المير، وعبداللطيف الشيخ، وعلي أحمد، إلى دولة قطر، حيث التقوا هناك في لقاء علني نادر مع الزعيم الروحي لتنظيمات الإخوان المسلمين في العالم يوسف القرضاوي.
ويجادل متابعون أنه يصعب على النظام البحريني اليوم، حتى مع بدء غروب شمس الإخوان، اقتلاع الخلايا الإخوانية المزروعة في جسده منذ زمن طويل جداً، فالمصالح مشتركة، والموقف الشعبي للنظام ضعيف، لذا فإن التحالف قائم ومستمر.
ويقول الكاتب غسان الشهابي في دراسته في الكتاب الجماعي(الإخوان المسلمون في الخليج) «إن جماعة الإخوان المسلمين في البحرين تميزت بمرونة عالية وعرفت كيف تتجنب الانتحار الجماعي في الملمات»، موضحا «هي لم تدخل في صدام وخلاف مع الحكم، حيث اعتبرها الكثير من المراقبين حالة شاذة عن كل الإخوان الآخرين بمن فيهم إخوان بقية دول الخليج، فهي تسير مع الحكم وتتبادل المنافع وباتت قريبة من مفاصل مهمة في الأجهزة الرسمية، ومتأخر الآن العودة إلى الوراء وملاحظة التسلل الذكي والهادئ للعناصر الإخوانية في هذه الأجهزة».
خلفية تاريخية
تعتبر جمعية الإصلاح، جناح الإخوان المسلمين في مملكة البحرين، وهي تشارك في البرلمان البحريني، من خلال ذراعها السياسية المتمثلة في جمعية المنبر الإٍسلامي. ويختلف الإخوان المسلمون في البحرين عن غيرهم في الدول العربية لكونهم موالين للسلطة الحاكمة، على عكس غيرهم في الدول العربية مثل إخوان سوريا وإخوان مصر وإخوان الأردن. والسبب في ذلك يعود إلى أن الحكومة قد ساعدت الإخوان المسلمين في البحرين من أجل صد المد الناصري في منتصف القرن الماضي، كما يشير إلى ذلك الكاتب محمد البنكي في دراسة له تحت عنوان «الإخوان المسلمون وهيئة الاتحاد».
تدرك المعارضة العلاقة الوجودية بين الإخوان السلطة منذ الخمسينيات، وهذا ما توضحه رسالة بعثت بها (هيئة الاتحاد الوطني) إلى وزير الخارجية البريطاني سلوين لويد يوم زيارته للبحرين في مارس 1956 تناشده مساندة الشعب وتحذر من المنشورات المناهضة لها متهمة بذلك "جماعة تنسب نفسها للإخوان المسلمين بدأوا ينشرون سمومهم تحت ستار التعاون مع الحاكم وعائلته".
لا يُعرف بالتحديد متى دخلت دعوة الإخوان المسلمين البحرين، ولكن الدعوة في البحرين موجودة في الثلاثينات أي في عهد حسن البنا، فلقد نصت جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية في عددها الرابع للسنة الخامسة الصادر بتاريخ 11يونيو/ حزيران 1937، على أن «شعب الإخوان المسلمين في العالم كله إلى مناطق وكل منطقة إلى دوائر، وكل دائرة إلى عدة شعب، فخصصت المنطقة الثامنة عشرة لشعب السودان، وخصصت المنطقة التاسعة عشرة لدول العالم الإسلامي، ووضعت البحرين في هذا التقسيم في المنطقة التاسعة عشر، وكان النائب المندوب لها محمد بن إبراهيم الخليفة، كما خصصت المنطقة العشرين لدول العالم الخارجي التي تقطنها أغلبية غير مسلمة».
جمعية الإصلاح هي أول جمعية تأسست في البحرين تحمل فكر الإخوان المسلمين. بقيادة الشيخ عبدالرحمن الجودر، في شهر مايو 1941 قام عدد من طلبة مدرسة الهداية الخليفية بالمحرق، ممن جمعتهم زمالة الدراسة ووحدة الفكر، بتأسيس هذه الجمعية.
وكانت تتخذ الآية الكريمة «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت» شعاراً لها. ونشأت في البداية تحت اسم مستعار وهو: «نادي الطلبة»، لكن عندما تطورت الأهداف واتسعت مجالات العمل تم تغيير الاسم إلى «نادي الإصلاح» عام 1948. وظل محتفظا بهذا الاسم لغاية عام 1980،ذ حيث تحول إلى جمعية الإصلاح.
وصدر قرار إشهار تغيير الاسم من قبل وزير العمل والشئون الاجتماعية تحت رقم (15/80) بتاريخ 24 أبريل 1980، وقد أعطى هذا التحول في تاريخ هذه المؤسسة قوة جديدة من العمل الجاد في سبيل تطوير البرامج وتوسيع الأنشطة.
وتمت إعادة تسجيل الجمعية بمقتضى قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة الصادر بالمرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1989م بتاريخ 6 نوفمبر 1991.
لم تكن جمعية الإصلاح تمارس عملاً سياسياً منظماً قبل ميثاق 2002، بل كانت تعلن مواقفها السياسية عن طريق البيانات والندوات والزيارات التي تتواصل بها مع المسئولين في المملكة. وقد كان البيان الذي حمل عنوان «هذا بياننا» والذي نشرته جمعية الإصلاح أثناء الأحداث السياسية في التسعينات من القرن الماضي، بمثابة توضيح للنهج السياسي الذي تتبناه الجمعية الأم سابقاً، وذراعها السياسية جمعية المنبر الوطني الإسلامي حالياً. وقد تضمن البيان موقف الجمعية من الأحداث التي حصلت والتي عرفت لاحقاً باسم «انتفاضة التسعينات».
جمعية المنبر الوطني الإٍسلامي والعمل البرلماني
خاضت جمعية المنبر الوطني الإسلامي انتخابات 2002 التي شهدت مقاطعة من جمعية الوفاق الوطني الإسلامية. وحصلت على 7 مقاعد في انتخابات 2002 من أصل 8 مقاعد كانت تتنافس عليها. كذلك فعلت في انتخابات 2006؛ إذ بلغ عدد أفراد كتلة المنبر الإسلامي الإخوانية 7 نواب، أما في العام 2010 فهبطت إلى ثلاثة نواب.